كيف تؤثر اكتشافات الغاز بالمغرب على علاقات المغرب والعواصم الأوروبية الكبرى؟

يواصل المغرب على درب عمليات التنقيب لعله يدخل سوق بائعي ومصدري الغاز أو على الأقل أن يحقق اكتفاءه الذاتي من المادة التي أضحت اليوم تزن ذهبا في ميزان العلاقات الدولية والمصالح الدبلوماسية، التي تبني عليها العواصم قرارها السياسي. ومن هنا يستغل علاقاته المتميزة اقتصاديا مع بريطانيا التي غادرت التكتل الأوروبي، لتستفيد شركتها SDX ENERRGY من عقود التنقيب عن الغاز، وصولا إلى توقيع وزارة الانتقال الطاقي مؤخرا صفقة مع شركة NEWMED ENERGY الإسرائيلية للتنقيب عن الغاز بالمملكة.

 

تفضيل المغرب لتوقيع عقود مع شركتين بريطانية وإسرائيلية قد يعني أن الرباط حددت شركاتها الاقتصادية مع شركائها الجدد بعيدا عن التقليدين، خاصة فرنسا وإسبانيا بدرجة أقل، ما قد يفتح باب آخر من الاحتياط في العلاقات بين الرباط وباريس من جهة وبين الرباط ومديد من جهة ثانية، على اعتبار أن البلدين كانا من الأكثر استفادة من هقود الاستثمار بالمغرب. معطيات إذن تدفع إلى طرح التساؤلات التالية، ماذا يعني اختيار المغرب الدخول مع شركات بريطانية وإسرائيلية في اتفاقيات للتنقيب؟، وكيف سيؤثر نسق التنقيب عن العلاقات المغربية مع العواصم الأوروبية، خاصة وأن الرباط تهدف إلى التحول إلى مصدّر للغاز في السنوات المقبلة.

 

وعن الموضوع يتحدث محمد طلحة أستاذ العلاقات الدولية لـ”الأيام 24″ أن ملف الغاز هو أولوية اليوم لجميع الدول على ضوء التحولات الجيو سياسية والاستراتيجية التي نجمت عن الحرب الروسية الأوكرانية، وباتت معها الدول المصدرة للغاز، في موقف قوة، وهذا ما نراه جليا في العلاقات الأمريكية السعودية، أو علاقات واشنطن بموسكو، ومن هنا يأتي السعي المغربي إلى التحول إلى مصدر للغاز سيدفع لا محالة إلى قلب المعادلات على مستوى المنطقة المغاربية أولا والمتوسطية ثانيا.

 

واختار المغرب في سياق دولي متغير أن يحدد شركاءه ويعيد تقييم علاقاته مع بعض الدول، لا سيما منها الأوروبية، وهنا يتحدث المحلل السياسي عن فرنسا وإسبانيا، فالأولى ما تزال تلعب على الحبلين وتقبع في المنطقة الرمادية في الملف الحيوي للمغرب، ويتعلق الأمر بملف الصحراء، والثانية اختارت دعم المغرب في الملف وبالتالي العلاقات دافئة نسبيا، لكنها لم تترق بعد إلى المستوى المطلوب، بالنظر إلى تراكم ملفات عالقة التي تحتاج إلى توضيح أكثر في الرؤى والتوافق.

 

وأضاف أستاذ العلاقات الدولية أن المغرب يملك استراتيجية واضحة في مجال الطاقات المتجددة، والتي ستكون لها الكلمة في المستقبل، خصوصاً في مجال الطاقة الشمسية والطاقة الريحية، إلى جانب القدرات الكبيرة التي تتوفر عليها المملكة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وهي أسباب من بين أخرى دفعت ألمانيا إلى إصلاح علاقاتها مع المغرب، وهو ذات السبب، أي الحاجة الطاقية التي دفعت الرئيس الفرنسي إلى زيارة الجزائر.

 

وأمام إعلان السلطات الجزائرية وقف إمدادات الغاز إلى المغرب، قال المتحدث أن المملكة ترى أن الحل يكمن في خطة تفعيل خيار وحدة عائمة لتخزين وتحويل الغاز يطلق عليها اسم Floating storage and regasification Unit، وهي تقنية تعتمد أساسا على البواخر لنقل وتخزين الغاز السائل وتوجيهه إلى سوق الاستهلاك، وبالتالي تحييد التبعية إلى أوروبا، خاصة الشريك الإسباني الذي يعول عليه المغرب اليوم في عكس إمدادات الغاز.

 

محمد طلحة أشار إلى أن امتلاك المغرب لسلاح الإقتصاد خاصة ملف الغاز سيضعه في موقف قوة تفاوضية لا مع فرنسا أو إسبانيا أو باقي العواصم الأوروبية، على اعتبار أن تعيش اليوم أزمة طاقية كبيرة في ظل العقوبات الغربية على الغاز الروسي وعدم وثوقية الجزائر التي توظف الورقة خدمة لأجندتها السياسية.

 

ويعمل المغرب على إعداد أطلس حول المؤهلات النفطية للبحر الأطلسي، ووضع نمذجة جيو-كيميائية ودراسة “Play fairway” على مستوى الواجهة البحرية نفسها، بالإضافة إلى إعادة معالجة 2600 كيلومتر من الاهتزازات ثنائية الأبعاد بوسائل المكتب، مع تحيين الوثائق المرجعية للملف المقدم من طرف المغرب من أجل تحديد جرفه القاري الأطلسي.

 

وفي المناطق البحرية، أشارت أمينة بنخضرة، المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، إلى أن شركة “شاريوت النفط والغاز” ستقوم بمسح ومعالجة 1000 كيلومتر من الاهتزازات ثنائية الأبعاد بمنطقة ريصانة البحرية.

 

ويهدف المغرب من وراء دخوله السوق الدولية إلى الحصول على الغاز الطبيعي أولا، ثم إنشاء بنية تحتية تسمح بالحصول على طاقة تنافسية في إنتاج الكهرباء لفائدة القطاع الصناعي.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق