تفاصيل مناقشة “قانون الأسلحة النارية” في مجلس النواب

بعد مصادقة المجلس الوزاري عليه في 14 يوليوز الماضي، انتهت لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة، أمس الخميس 22 شتنبر الجاري، من مناقشة مشروع قانون يتعلق بالأسلحة النارية وأجزائها وتوابعها وذخيرتها؛ من أجل تجاوز محدودية المنظومة التشريعية الوطنية المتعلقة بالأسلحة في مسايرة التطور التكنولوجي وأصناف هذه الأسلحة وطرق استعمالها، وعدم قدرتها على تأطير جميع التصرفات والوقائع المرتبطة باستخدام الأسلحة النارية.

 

وتسعى الحكومة المغربية، من خلال هذا المشروع، إلى ملاءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة جميع أشكال الاتجار غير المشروع بالأسلحة النارية، وكذا سيتم بموجبه إحداث سجل وطني إلكتروني تحت اسم “السجل الوطني للأسلحة النارية”؛ حيثُ سيُنظّم هذا المشروع عمليات دخول وخروج الأسلحة النارية وأجزائها وتوابعها وذخيرتها المنجزة من قبل منظمي القنص السياحي وجمعيات الرماية الرياضية، وكذا المعطيات المتعلقة بحائزيها، وعمليات حجزها.

 

وفي هذا السياق، قال هشام المهاجري، رئيس لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب، إن “اللجنة أنهت المناقشة العامة والتفصيلية لمشروع هذا القانون اليوم، بعدما قدمه وزير الداخلية” موضحا أن “لجنة الداخلية اتفقت على تشكيل لجنة تقنية من أجل إدخال تعديلات مشتركة على المشروع، الذي يرتقب أن يتم تمريره بالإجماع، مشيرا إلى أن وزير الداخلية عبر عن انفتاحه على التعديلات التي سيقدمها البرلمانيون”.

 

وكان عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، كشف أمس الخميس، أن “القانون رقم 86.21 المتعلق بالأسلحة النارية وأجزائها وعناصرها وتوابعها وذخيرتها يهدف إلى تحديث وتجويد الترسانة القانونية ذات الصلة بالأسلحة النارية، حتى تصبح قادرة على مواكبة مختلف التحولات والتطورات القانونية والإجرائية والتكنولوجية الحديثة وتمكن من رفع التحديات الأمنية التي أصبح يعرفها هذا المجال”.

 

وأكد وزير الداخلية، أن هذا المشروع يهدف إلى مواكبة التطور الملحوظ الذي عرفته صناعة هذه الأسلحة واستيرادها وتصديرها والمتاجرة بها وحيازتها، سواء بصفة مشروعة أو غير مشروعة، مشيرا إلى أن “النصوص التي تنظم الأسلحة المذكورة تعود إلى سنتي 1937 و1958، وهي نصوص أضحت غير قادرة على تأطير جميع التصرفات والوقائع المرتبطة باستخدام الأسلحة النارية مع اعتمادها عقوبات غير رادعة بالشكل المطلوب، واستعمالها لمصطلحات ترجع إلى فترة ما قبل الاستقلال كما هو الشأن بالنسبة إلى المنطقة الفرنساوية للإيالة الشريفة ومدير الأمن العام والفرنك وغيرها”.

 

وأوضح وزير الداخلية أن هذه القوانين أصبحت غير قادرة على احتواء وتأطير التطورات والمعطيات الحديثة الموسومة بتنامي التهديدات الأمنية باستخدام الأسلحة النارية، وبالتطور التكنولوجي والتقني الكبير لهذه الأسلحة وطرق استعمالها، مردفا أن “هذا الوضع أصبح يهدد أكثر فأكثر قدرة الإدارة على ضبط المخاطر الأمنية المرتبطة بالاستخدام غير المشروع للأسلحة النارية. كما أن الفترة التي ظهر فيها الظهير الذي ينظم الأسلحة النارية لم تكن تعرف ظهور أنشطة استثمارية واقتصادية خاصة في ميدان سياحة القنص؛ وهو ما يضيع على الاقتصاد الوطني فرصا تنموية وأرباحا مهمة”.

 

وأشار وزير الداخلية إلى أن التواصل مع الفاعلين في هذا المجال، كالمجلس الأعلى للقنص والجامعة الملكية المغربية للقنص وقطاع المياه والغابات، مكن من تسجيل رغبة أكيدة في مراجعة وتحديث الإطار القانوني المنظم لأسلحة القنص بما يكفل تشجيع القنص السياحي، مؤكدا أن “المشروع الجديد يهدف إلى ربط حيازة الأسلحة النارية بممارسة القنص أو الرماية الرياضية، ومراعاة الالتزامات الدولية للمغرب في مجال مكافحة تصنيع الأسلحة النارية وأجزائها ومكوناتها والذخيرة والاتجار غير المشروع بها، مع الحفاظ على صورة المغرب كدولة تكافح مظاهر الحيازة غير المشروعة للأسلحة النارية. كما يهدف إلى إيجاد حلول قانونية لكل حالات استيراد الأسلحة النارية وإدخالها واخراجها من التراب الوطني وحيازتها وتخزينها ونقلها والاتجار بها والتي غفل عنها الإطار القانوني الجاري به العمل حاليا، وإحداث قواعد معطيات تضمن التتبع المستمر للمعلومات والمعطيات المتعلقة بالأسلحة النارية”.

أمّا بخصوص الأسلحة التي تسري عليها أحكام هذا القانون، فهي القنص والرماية والرياضية من النوع (أ) و(ب)، والمسدسات اليدوية المخصصة للأسلحة التقليدية، وأسلحة الهواء المضغوط، وأسلحة إعطاء انطلاق المنافسات الرياضية؛ فيما سيتم تقييد المعطيات المتعلقة بالعمليات الخاصة بالأسلحة النارية وأجزائها وعناصرها وتوابعها وذخيرتها في السجل الوطني للأسلحة النارية، حسب الحالة، من الإدارة أو تجار الأسلحة أو منظمي أنشطة القنص السياحي أو جمعيات الرماية الرياضية، مع تحديد كيفيات تقييد هذه المعطيات بنص تنظيمي.

إلى ذلك، سينظم هذا المشروع حيازة أسلحة القنص والرماية الرياضية من النوع (أ) وسلاح الهواء المضغوط بالحصول على ترخيص بحيازة أسلحة القنص والرماية الرياضية، كما يربط الحصول على مسدس يدوي بضرورة التوفر على ترخيص بحيازة سلاح الحماية، ويشترط أن يكون مقدم الطلب بالغا، وأن يلتزم باكتتاب تأمين لتغطية الأضرار التي قد تلحق بالغير جراء استعمال الأسلحة النارية ولتغطية المسؤولية المدنية، وأن يكون متمتعا بقدرته البدنية والعقلية.

وفي السياق نفسه، فتح مشروع القانون الباب أمام القاصر البالغ 16 سنة لاستخدام السلاح الناري المقيد في الترخيص بحيازة أسلحة القنص والرماية والرياضية المسلم لنائبه الشرعي من أجل ممارسة نشاط الرماية الرياضية، وبحضور نائبه الشرعي الذي يعتبر مسؤولا عن السلاح الناري المستعمل؛ غير أن المشروع يشترط الحصول على إذن خاص لاستيراد الأسلحة النارية؛ أما في حالة مخالفة ذلك، فإن العقوبة المنصوص عليها هي السجن من 10 إلى 20 سنة، وغرامة مالية.

كما نص مشروع القانون هذا على معاقبة كل من اتجر بالأسلحة النارية وعناصرها وتوابعها وذخيرتها دون الحصول على ترخيص من 10 إلى 20 سنة سجنا، وبالسجن من 5 إلى 10 سنوات لكل من أدخل إلى التراب الوطني أو أخرج منه الأسلحة النارية وأجزاءها وتوابعها وذخيرتها؛ علاوة على ضباط الشرطة القضائية وأعوان إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة والأعوان المحلفين التابعين للمياه والغابات العاملين في إطار اختصاصاتهم، يعهد بالبحث عن المخالفات لأحكام هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه ومعاينته إلى أعوان الإدارة المنتدبين والمحلفين لهذا الغرض.

ويمكن لأعوان الإدارة المحلفين ولوج المستودعات والأماكن ونظم المعلومات ووسائل النقل، وإلى كل مكان يمكن أن يتم فيه البحث عن المخالفات ومعاينتها؛ فيما أن أحكام هذا القانون لا تسري على الأجهزة المكلفة بالدفاع الوطني والمصالح المكلفة بالأمن التي تظل خاضعة لمساطرها الداخلية، وأعوان الدولة الذين يحملون السلاح بمقتضى صفتهم أو وظيفتهم.

وتجدر الإشارة، أن هذا النص القانوني، خرج للعلن لأول مرة بتاريخ 10 مارس 2022، حين صادق مجلس الحكومة المنعقد برئاسة عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، على مشروع قانون رقم 86.21 الذي يتعلق بالأسلحة النارية وأجزائها وعناصرها وتوابعها وذخيرتها، بعدما تولى تقديمه وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، وهي الخطوة التي تمت بعد أن تزايدت جرائم القتل التي استُخدمت فيها الأسلحة النارية الخاصة بالقنص.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق