8 شتنبر.. ذكرى الانهيار المأساوي لقلعة العدالة والتنمية

حزب العدالة والتنمية

“السقطة الكبرى”، “العقاب الانتخابي”، “صدمة 8 شتنبر” و”نهاية الإسلاميين”..عناوين كبرى تصدرت المشهد السياسي عشية إعلان نتائج انتخابات 8 شتنبر 2021، وذلك بعد عقد كامل من الزمن على ترؤس حزب العدالة والتنمية للحكومة، هوت في سياق ذلك أوراق “البيجيدي” وعاد من حيث انطلق، حيث كانت مؤشرات وإرهاصات تنذر بتراجع الحزب على المستويين الانتخابي والسياسي، وذلك بعد قيادته للحكومة 10 سنوات كاملة غير منقوصة، غير أنه لا أحد توقّع أن يكون التراجع بالحجم الذي كشفت عنه نتائج انتخابات 8 شتنبر.

 

التراجع المهول للحزب الذي تسيد المشهد السياسي المغربي خلال السنوات الماضية، أسال الكثير من المداد وشكل موضوع بحث ودرسات، فارتدادات النتيجة المحصل عليها قذفت بقيادة الحزب المتمثلة وقتها في شخص الأمين العام سعد الدين العثماني بعيدا عن سفينة “البيجيدي”، إذ قرر منتسبو الحزب الإبحار في عباب السياسة من جديد بالربان الجديد-القديم عبدالإله ابن كيران المعوّل عليه داخليا لاستراجع مكانة الحزب ضمن الخريطة السياسية الوطنية.

 

وفي محاولة لفهم السقطة الكبرى الذي دفعت بالحزب إلى مرتبة بعيدة في سلم نتائج الانتخابات التشريعية، يؤكد عبد الحميد باب الله، الباحث في القانون العام، إن إعفاء عبد الإله ابن كيران من تأليف  الحكومة، شكل لحظة فارقة في المسار السياسي والتنظيمي لحزب العدالة والتنمية، مبرزا أنه من الضروري العودة إلى تلك اللحظة السياسية، لأنها تشبه ذلك البركان الخامد الذي انفجر فجأة يوم 8 شتنبر 2021، حيث كان لطريقة الإعفاء تداعيات نفسية وتنظيمية على الحزب، حيث إن مفعولها تردد صداه إلى غاية لحظة انتخابات 2021، فانفجر الغضب الذي ظل يسري في صفوف أعضائه جراء المنهجية التي دبرت بها قيادة الحزب مرحلة ما بعد الإعفاء، فعمّق ذلك الخلافات التنظيمية، وأظهر التباين الشديد بين قياداته وقواعده على السواء.

 

وأضاف المحلل السياسي في حديثه لـ”الأيام 24″ أنه نتيجة الإعفاء أثر على تماسك الحزب وانسجام خطابه، ثـم المسافة النقدية التي يتعين رسمها بين ثوابت التنظيم الحزبي واختيارات قيادة الحكومة وإكراهاتها، ومدى وفاء الحزب لالتزاماته مع عموم الناخبين، وخصوصا الذين صوتوا لصالحه أو تعاطفوا معه.

 

وخلال ترؤسه للحكومة، يقول المتحدث إن قيادات  الحزب كانت تستشعر الهزيمة لكن ليس بهذه الحدّة، حيث سبق لها أن  انتقادات حادة لمسار تنظيم انتخابات 8 شتنبر ومخرجاتها، بدءاً بتعديل القوانين الانتخابية، من خلال اعتماد القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية وليس عدد الـمصوتين، ثـم تعبيره عن رفضه لاستعمال المال، واحتجاجه على امتناع الإدارة الانتخابية تسليمه المحاضر الرسمية حتى يتسنى له الوقوف على حقيقة ما حصل عليه من نتائج، لـم يتردد في وصفها بكونها “غير مفهومة وغير منطقية ولا تعكس حقيقة الخريطة السياسية”، بل الأكثر من ذلك، صرّح بأنه غير معني بالنتائج التي حصل عليها في انتخابات مجلس المستشارين.

 

واعتبر أن مجموعة من القرارات التي اتخذها الحزب على رأس الحكومة كانت سببا مباشر في هذه النكسة الانتخابية على رأسها توقيع اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، الذي جرّ عليه انتقادات بإزداوجية الخطاب والفعل السياسيين.

 

يذكر أنه خلال المرحلة التي تمتد ما بين 2011 و2021، عرفت استمرار منحى تصاعدي لنتائج الحزب، فخلال عشرية كاملة ترأس الحزب ولايتين حكوميتين متتاليتين، وهو أمر نادر الحدوث في التاريخ السياسي المغربي المعاصر، كما أنه تصدّر ثلاثة استحقاقات تشريعية وجماعية وجهوية في خمس سنوات؛ يتعلق الأمر بانتخابات: 25 نونبر 2011، و4 شتنبر 2015، و7 أكتوبر 2016، وهو ما مكّنه من حصد أرقام عالية من حيث عدد المقاعد في مجلس النواب، وتحقيق نسب أصوات مرتفعة، وترؤس مجالس المدن الكبرى بأغلبية عددية مريحة.

 

 وتمكن حزب العدالة والتنمية الوصول إلى رئاسة الحكومة في المغرب سنة 2012 بحصوله على 107 مقاعد في مجلس النواب برسم انتخابات 25 نونبر 2011، وهي نتائج ما كان ليحققها لولا السياق الإقليمي الضاغط الذي جرت فيه، والذي تـميز باحتجاجات واسعة في ميادين وساحات مجموعة من العواصم العربية.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق