عبدالمجيد الغندور لـ”الأيام”: أتحدى أن يتم الطعن في معلومات كتاب “الدار البيضاء.. النشأة والأنساب”

يرى عبدالمجيد الغندور مؤلف كتاب “الدار البيضاء: النشأة والأنساب” أن المعلومات التي ضمنها دفتي كتابه تحرى فيها الدقة ويتحدى أن يتم الطعن فيها لأنه وضعها بناء على ما كانت تختزنه ذاكرته في حديث المجالس وتتبع شجرة كبريات العائلات وقام بتنقيحها رفقة الأصدقاء، وهو البيضاوي القح، ويشير الغندور في حواره مع “الأيام” أنه يشعر بأنه يقدم طبقا غنيا بمثابة أمانة كانت على عاتقه للأجيال متمنيا أن تسهم المعلومات التي يطرحها في إعادة لحمة الترابط الأسري بين العائلات البيضاوية..

 

بداية كيف جاءت فكرة تأليف كتاب حول الأنساب البيضاوية، وما هي المنهجية التي اتبعتها لجمع هذا الكم الكبير من المعلومات التي تم تضمينها له؟

بدأت فكرة تأليف كتاب “الدار البيضاء: النشأة والأنساب”، عندما لاحظ شيخي سيدي محمد الكبير البعقيلي السوسي التجاني، اهتمامي بالأنساب البيضاوية، وقال لي بأنه يجب أن يعرف الجيل الصاعد هذه الأنساب وطلب مني الكتابة حتى لا تضيع، علما أنني ومنذ صغري وعندما كنت أجالس والدي كانت لدي ملكة حفظ حديث المجالس كما كانت لدي ميول ثقافية تدفعني دائما إلى البحث والتخزين في الذاكرة ووجدت أنني أصبحت أعرف عددا من العائلات وتشابك علاقاتها من حيث المصاهرة والنسب، لذلك كنت أدون هذه الأنساب وأقوم بتجميعها، علما أنني لست مؤرخا ولست كاتبا ولكنني استعنت بذاكرتي عندما قررت الكتابة وكنت أدون ما تختزنه، وأعتمد على الأصدقاء في تصحيح بعض الأنساب حتى يكون الكتاب في متناول الجميع ويصلون أرحامهم وهذا هو هدفي الأول والأخير، علما أنه ستكون هناك أجزاء أخرى لتكملة ما تم التغافل عنه في هذا الجزء.

 

لماذا اخترت العمل على فكرة الأنساب، وما هي القيمة التي تقدمها للقارئ من خلال هذا الكتاب؟

أنا أيضا جزء من هذا الكتاب، بحكم أن لدي ستة أجداد من جهة الأم ومثلهم من جهة الاب، وكلهم تولوا الحكم بالدار البيضاء منذ عهد السلطان مولاي الحسن، وبالتالي فضخامة الأنساب التي يتضمنها الكتاب وصعوبة تحقيقها تكمن في غياب المراجع التي يمكن الاسترشاد بها، وكان علي أن أبدا باستقراء الأرحام منذ عهد مولاي سليمان من خلال سيدي العربي بن العباس الذي هو جدي السادس من ناحية الأم، وكان قاضيا في زمان مولاي سليمان ومولاي عبدالرحمان على مديونة وأولاد ، خاصة وأنه لا يمكنني أن أتوجه إلى الأساتذة والجامعيين دون مصدر لتأكيد هذه المعلومات وهذا الجد له مجموعة من الأولاد مثل العربي وأحمد بن العربي الذي كان حاكما على مديونة لمدة 49 عاما وكانت لديه ابنة اسمها العلجة التي تزوجها محمد برشيد الذي ولدت له للا أمينة وفضيلة وعبدالسلام برشيد الذي كان أبوه سفيرا في ألمانيا.

أما من ناحية النسب من جهة والدي،  فإنه لما كان السي أحمد بلعربي قاضيا على مديونة كان في زمانه كان جدي الفقيه القاضي السي الحبيب الغندور، الذي عين بظهير مولوي لمولاي عبدالعزيز وكان قاضيا على أحواز الدار البيضاء وكانت هناك مراسلات وجدتها بينهما، ومن الناحية الثقافية وجدت أن القاضي طلب رخصة من القايد لشراء أرض كان يجب عليه الحصول على إذن ووجدت هذا الجواب في رسالة مؤرخة عام 1330 هجرية يقول له فيها “الولد الأعز الأمثل العلامة…” في سياق الثناء الذي كانت توليه المراسلات فيما بين أفراد المخزن إلى القضاء وهي كلها كانت عاملا مساعدا لي.

عملت أيضا على تبيان علاقة بيضاويين مع بعض الشخصيات والأسماء التي لا يعرفونها مثل غلف البيضاوي المتوفى عام 1905 والذي يشكل اسمه درب غلف لكن عمل معه الحاح المكي الذي هو حريزي ولما توفي غلف تزوج الحاجة فاطنة وولدت له علي الذي تزوج زهرة بنت امسيك حيث تشكلت الأنساب بين غلف وابن مسيك الذين تحمل بعض الأحياء أسماءهم، وأنا من خلال وضعي لشجرة الأنساب هذه أرفع التحدي ولا أعتقد أن أحدا سيطعن في نسب شجرته التي أوردتها في الكتاب لأنني تحريت الدقة في كل العائلات التي أوردتها.

الانساب الموجودين تم ذكر أولادهم ولا أعتقد أن أحدا سيطعن في نسب شجرته التي أوردتها في الكتاب لأنني تحريت الدقة في كل أنساب هذه العائلات.

هل العائلات التي أوردتها هي التي تشكل نسيج البيضاء اليوم، أم فقط تلك التي كانت في دواليب السلطة؟

لا، أنا أوردت كل العائلات التي تشكل النسيج الاجتماعي وتشكل عائلات كبرى، مثل العائلات المديونية ثم العائلات التي استقدمها سيدي محمد بن عبدالله لترميم الدار البيضاء، مثل العائلات السوسية كعائلة بناصر واجضاهيم والكاوي وبوزع والعائلات الحيحية وغيرها لكن أصبحوا كلهم بيضاوة لا ينازعهم أحد في انتمائهم، ثم العائلات الدكالية مثل بوعلام وغيرهم، وأيضا الرباطية ومن الشمال مثل بوشنتوف ومن فاس مثل عائلة بنكيران التي قدمت عام 1880 وغيرهم، وأولاد سيدي بليوط المعروفين بأولاد العلام وهذا هو النسيج الرئيسي لعائلات المدينة.

 

أشرت في كتابك إلى بعض الزوايا والأضرحة باعتبارها وعاء روحيا لساكنة البيضاء، فأين تكمن أهميتها؟

يجب التفريق بين الأولياء والعارفين بالله، والشيوخ فالولي صاحب كرامات إلهية لكن لم يكن لهم إذن في التربية وأنا أعتبر الولي مثل الوزير بدون حقيبة، لكن متى يصبح الولي له الولاية ويصبح عارفا بالله يصبح مربيا مثل عبدالقادر الجيلاني الذي رأي مناما يدعوه إلى الخروج للناس ودعوتهم وبهذا الإذن يصبح شيخا، وكمثال أيضا مولاي عبدالله الشريف بوزان جد دار الضمانة رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام يدعوه لتربية الناس وكذلك سيدي أحمد بن ناصر بزاوية تامكروت الذي كان لديه الإذن للتربية، وكذلك أيضا مولاي عبدالسلام بن مشيش، علما أن الزوايا تعتبر ممالك ربانية ولا مجال فيها للصدف لأنها تدعو للتربية وهذا ما جعلنا نخصص لها فصلا في الكتاب.

أيضا كان لا بد من ذكر بعض أولياء المدينة القديمة مثل سيدي بوخروبة وسيدي بليوط وكلهم داخل السور، أما من هم خارج المنطقة فيجب ذكر كثيرين مثل سيدي البرنوصي وسيدي مومن وسيدي عبدالرحمن وسيدي معروف وغيرهم.

 

لماذا اكتفيت في ذكرك للعادات والتقاليد البيضاوية بذكر العرس وبعض الأطعمة فقط؟

العرس البيضاوي والتفاصيل التي ذكرتها غير معروفة ولم يتسن لنا حضورها وكانت حاضرة في تقاليد آبائنا وأجدادنا منذ أجيال لكن الأكابر منا سنا حضروها وأعرف العائلات الأولى التي استعملت العمارية في الدار البيضاء وكيفية الطواف وكذلك دار إيسلان التي تجمع أصدقاء العريس ويتم التكلف بها من طرف أب العريس أو العروسة.

أما فيما يخص الط، فنحن حرصنا على استحضار بعض الاكلات التي كانت معروفة منذ عام 1800 وأنواعها لكي يعرف الناس اليوم طبيعة المطبخ البيضاوي في تلك الفترة وكيفية إعدادها وأسمائها مثل العاجي والرفيع وقمامة والقرمة والظلمة وغيرها.

 

أشرت إلى أن الدار البيضاء اليوم كلها جزء من مديونة وليست مديونة جزءا من البيضاء، فكيف وصلت إلى هذا الاستنتاج؟

الدار البيضاء هي أنفا وأنفا مدينة بورغواطية تاريخيا، وهي التي داخل سور المدينة القديمة، أما خارج السور فهي المدينة التي بناها الفرنسيون وهذه المدينة بمجرد أن تخرج منها تجد نفسك في مديونة من الهراويين والمعاريف وليسفاسفة وبوركون ولهجاجمة، وهي كلها سكنى قبائل كانت تشارك في موسم سيدي عبدالرحمن بالتبوريدة، ومديونة هي الخلفية التاريخية لمدينة الدار البيضاء التي عرفت بأنفا ولكن هي الوحيدة الفريدة من نوعها بحيث أن سكانها كلهم بيضاويون على اختلاف مشاربهم من سوس وفاس ودكالة وتطوان وطنجة وغيرها، أي أن الدار البيضاء هي تجميع لكل السكان المغاربة الذين قدموا من كل المناطق وأسسوا على مدار قرون لأنساب البيضاويين لتتشكل هوية متعددة الأطراف ومن كل المشارب حيث أن الكل يصب في المديمة سواء من حيث الانتماء أو المصاهرة.

 

ما هي ردود الفعل التي تترقبون صدورها بخصوص الكتاب؟

الحمد لله العديد من الأسر تنتظر بشوق توزيع الكتاب بعد تقديمه في معرض الكتاب وهذا كتاب يجمع ولا يفرق وهو مختلف عن كل الكتب التي صدرت عن الدار البيضاء وأتمنى أن أكون قد قمت بواجبي كواحد من سكان هذه المدينة اتجاهها، كما أتمنى أن يفيد هذا المؤلف الباحثين من الأجيال الصاعدة.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق