أزمة الهجرة وأوراق السياسة بين المغرب وأوروبا..كيف أفاق الإتحاد على دقات ناقوس الخطر؟

في السياسة، يُقال إن “هناك الفعل وسياق الفعل وما رواء الفعل”، وفي مراحله الثلاث، هناك أوراق ضغط واستنتاج لوضع شاد تُبنى على أساسه تقديرات وحسابات دقيقة ومعقدة..جزء يسير من هذا قد يُفهم مما تلا أحداث مليلية المحتلة بعد هجوم المئات من المهاجرين غير النظاميين على السياج الفاصل، مخلّفا وفيات بلغت 23 وجرحى كُثرا في صفوف القوات العمومية المغربية.

 

هي أحداث أعادت إلى الواجهة نقاش الهجرة السرية وبعثته من رماده، فالملف هو على رأس الأولويات الأوروبية رغم تسجيل تقاعس ونهج سياسة الكيل بمكيالين، إذ قد يتداعى صناع القرار السياسي الأوروبي إلى بحث حلول عاجلة لموجات النزوح والهجرة من منافذ في الشرق الأوروبي، ولا يبادر الصُناع أنفسهم لذات الأزمات من الشمال الإفريقي.

 

غفا الأوربيون طويلا في ملف الهجرة غير السرية، لكن أحداث مليلية المحتلة، أماطت اللثام عن واقع دق المغرب بشأنه ناقوس الخطر طولا..

بروكسل ذلك الشريك الأساسي للرباط في مجال تدبير شؤون الهجرة، استفاقت على تحديات مُجهدة ومنهكة للقوى، فالطريق بين المغرب وإسبانيا، أصبحت الملاذ المفضل لشبكات الهجرة السرية والاتجار بالبشر التي تنشط بشكل كبير خاصة في الشمال، وتجني من وراء ذلك أموالا طائلة، مستغلة أوضاع مهاجرين يعيشون تحت وطأة اليأس والهشاشة، وكذا حالة عدم الاستقرار التي تعيشها عدد من المناطق بإفريقيا.

 

سلاح.. الهجرة والساسية

 

هل يستمر الإتحاد الأوروبي في استفاقته؟ وهل يرمي شباك تعاون مع المغرب في الملف على غرار تركيا مثلا؟، سؤال يفتح آفاق كثيرة لمستقبل العلاقات المغربية الأوروبية، خاصة  أن المغرب أصبح، من خلال تعاونه الدائم وتجربته وجهازه الأمني، وفق خبراء المرجع الوحيد للأوروبيين في ما يتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر من خلال بوابة الهجرة.

 

ووفق الباحث في العلوم السياسية، ياسين بالعالية، فإن ملف الهجرة لا يمكن حلّه إلا من باب المقاربة التشاركية، فالمغرب لا يمكنه تقمص دور البطل أو المنقذ أو حارس أبواب أوروبا، هذا غير منطقي في التعامل الدبلوماسي بين الدول والمؤسسات، معتبرا أن التعاون المغربي الإسباني الأوروبي ينبغي أن يتخذ أشكالا براغماتية تمزج بين البعد الإنساني والاجتماعي والتنموي في ما يخص تجفيف منابع الهجرة داخل البلدان التي تصدر المهاجرين، والبعد العملياتي الذي من شأنه الوقوف في وجه التهديدات والمخاطر الأمنية الآنية في هذا المجال”.

 

واعتبر في حديثه لـ”الأيام 24″ أن قضية الهجرة وشبكات الاتجار بالبشر المرتبطة بها بلغت “منزلقا خطيرا جدا”، مع أحداث مليلية، بحيث تطورت هذه الظاهرة لتشكل خطرا أمنيا بات يفرض نفسه بشدة على أجندة صناع السياسة الأوروبيين.

 

وقال إن هناك بروز نوعية مختلفة من المهاجرين السريين الذين يريدون العبور إلى أوروبا، يستعملون أساليب جديدة تتعدى محاولات التسلل واجتياز السياج الحديدي، لتتمظهر في شكل أفعال إجرامية”.

 

تعاون لإدارة الأزمة

 

أكدت الناطقة الرسمية باسم المفوضية الأوروبية الخاصة بشؤون الهجرة، فيوريلا بيليشي، أن أعمال العنف والوفيات الأخيرة عند نقطة عبور مليلية الحدودية “مقلقة للغاية”.

 

أشارت إلى أن المفوضة الأوروبية “ناقشت مع الجانبين المغربي والإسباني الأحداث الأخيرة في مليلية وكيفية تعزيز تعاوننا مع المغرب في إدارة الهجرة، لا سيما مكافحة تهريب المهاجرين الذي يعرض حياة الناس للخطر”. مضيفة “نحن بحاجة إلى حلول الاتحاد الأوروبي المشتركة لإدارة الهجرة”.

 

التعاون الأوروبي المغربي في ملف الهجرة يتطلب بحسب مراقبين تبني خارطة طريق بمحورين الأول عملياتي يرتبط بدعم تدبير الحدود وتعزيز التعاون الأمني، والثاني تحسيسي يسعى إلى استمرار التوعية المتواصلة بمخاطر الهجرة غير القانونية، ومعالجة أسبابها العميقة، إضافة إلى توسيع برامج التكوين الأساسي والتكوين المستمر حول المواضيع المتعلقة بحماية الضحايا وحقوق المهاجرين.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق