حارة المغاربة بالقدس.. ذكريات الزمن الجميل والواقع الأليم

تُطل سعدية رزق الخطيب (72 عاما)، على حارة المغاربة في مدينة القدس الشرقية، فلا ترى سوى واقعا أليما، استبدل بما كان بالنسبة لها “زمن جميل”.

 

وقالت الخطيب في حديثها للأناضول، من مكان مطل على أطلال حارة المغاربة: “كان هذا المكان بمثابة مدينة تخدم كل أهل القدس، فكان فيها مؤسسات وروضات أطفال ومدارس وعيادات، وكان فيها مخفر للشرطة الأردنية، وكان فيها سكان”.

 

وأضافت: “كانت (منطقة) نشطة جدا ومأهولة بالسكان، وكانت هناك مدرسة الملك محمد الخامس التي بناها ملك المغرب، وكنا نُقيم بجانبها”.

 

وتابعت: “كان الناس يأتون إليها من كل مكان، من الأردن وتونس والعراق وليبيا والجزائر وسوريا، كانوا يمرون من هنا، وكنا نستضيف بعضهم في منزلنا، فحارة المغاربة كانت مزارا لكل المسلمين الذين يأتون إلى القدس من كل الدول العربية حتى العام 1967”.

 

وأكملت: “المسلمون من كل أنحاء العالم، كانوا يَصِلُون إلى حارة المغاربة في كل جمعة إلى حارة المغاربة من كل العالم، وفي ليلة القدر (من شهر رمضان)”.

 

وقالت وهي تشير إلى حائط قريب: “كان الجنود من العراق وسوريا والأردن ومصر، (يتواجدون) على هذا السور، وكنّا نعد لهم الطعام”.

 

وأشارت إلى أن إسرائيل هدمت “حارة المغاربة” في العام 1967، عقب احتلالها للضفة الغربية بما فيها القدس، إبان حرب يونيو.

 

وتضيف: “تم هدم البيوت والمدارس والعيادات والمحلات، وكانت خسارة كبيرة، خاصة وأنها قريبة من المسجد الأقصى”.

 

وقالت الخطيب: “في يوم اندلاع الحرب، كنت في رام الله، كنت حينها قد درست التمريض، وأقضي فترة التدريب العملي في مستشفى رام الله الباطني”.

 

وأضافت: “نظرتُ من نافذة المستشفى فشاهدت الدبابات العربية، خلعت زي التمريض ونزلت مهرولة، شاهدنا الجنود العرب وقالوا لي: إلى أين انتِ ذاهبة، هناك حرب. فأجبتهم أنني ذاهبة إلى القدس لأكون إلى جانب والدتي”.

 

وأضافت: “شاهدني أحد الأشخاص وكان بسيارته وسألني عن وجهتي، فقلت له أنا ذاهبة إلى القدس، رجاء خذني معك، فسألني: هل تريدين الذهاب إلى هناك من أجل أن تموتي. فقلت له خذني إلى القدس فإذا قُدّر لنا، سنموت، وإذا نجونا تكون قد أوصلتني إلى القدس”.

 

واستذكرت أنه في حينه، أوصلها إلى منطقة مبنى البريد، في شارع صلاح الدين، بالقدس.

 

وقالت الخطيب: “كان الرصاص مثل المطر، كنت أريد الوصول إلى باب الساهرة ثم المسجد الأقصى وصولا إلى حارة المغاربة، انتظرت حتى هدأ الرصاص ودخلت من باب الساهرة ثم إلى المسجد الأقصى وركضت حتى وصلت إلى حارة المغاربة”.

 

وأضافت: “عندما وصلت إلى المنزل، سمعت صوت قذيفة واعتقدت أن أمي قد استشهدت فأخذت بالصياح ولكن أمي التي كانت تصلي الظهر قالت بصوت مرتفع: (الله أكبر)، فأدركت أنها على قيد الحياة”.

 

وأشارت إلى أن العائلات في المنطقة، اختبأت في منزل أسفل جدار المسجد الأقصى طوال فترة الحرب.

 

وقالت: “نحن مكثنا في المنزل الأرضي مدة 6 أيام، وخلال تلك الفترة كان الجيش الإسرائيلي يجمع الذكور من سكان المنطقة، وأخذوا منهم ساعات اليد، والمال”.

 

وقالت الخطيب: “بعد فترة الحرب خرج الناس لتفقد منازلهم وعقاراتهم وأقاربهم، فكان هناك من فُقد ومن قُتل ومن سُرق بيته، ومن هدم منزله”.

 

وأضافت: “كانت هناك حواجز عسكرية في الطرق، وتم هدم حارة المغاربة”.

 

وتحوّلت حارة المغاربة إلى ساحة كبيرة، يُطلق عليها الفلسطينيون ساحة البراق، أما اليهود فيسمونها ساحة المبكى، حيث يؤدي اليهود الصلوات، كما أن هناك متاحف وأبنية دينية يهودية.

 

وختمت الخطيب حديثها وهي تنظر إلى المنطقة بالقول: “أشعر بالحزن والأسى والحسرة، لقد تم تدمير حارة المغاربة بالكامل”.

 

وبحسب مركز المعلومات الوطني الفلسطيني (حكومي) فإن حارة المغاربة كانت تقع غرب المسجد الأقصى، هدمتها إسرائيل عام 1967؛ وبلغ مجموع الأبنية الأثرية فيها نحو 135 أثراً، تعود للعصر الأيوبي والمملوكي والعثماني.

 

ويقول المركز في موقعه على شبكة الإنترنت إن الحارة بالكامل “أرض وقف إسلامي من الملك الأفضل (ابن السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي) بعد تحرير المدينة من الصليبيين؛ حيث أوقفها على المجاهدين المغاربة الذين شاركوا في الفتح؛ وبقيت باسمهم. وعلى مر الزمان انتشرت فيها الأوقاف المتعددة من مدارس وأبنية ومصليات وزوايا وغيرها”.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق