الباحث بودشار: من الصعب كشف حقيقة طارق بن زياد لأن الناس تريد هويته لمنح معنى لهويتها الراهنة

  • زينب مركز

برزانة وموضوعية المؤرخ، وبإدراك عميق منه لمجال تخصصه كباحث في التاريخ الأندلسي، يتحاشى الأستاذ محمد رضى بودشار الاستكانة إلى القناعات الكسولة والروايات التي تقرأ الماضي بموقع الحاضر وموقفه، حيث يقرّ أنه من الصعب قول الحقيقة في موضوع طارق بن زياد والفتح الاسلامي للأندلس، ويحاول عرض وتجميع مختلف الحقائق التي قيلت حول الموضوع برؤية نقدية تتغيى قراءة الوقائع من خلال فهم الخلفيات التي كانت وراء مختلف الروايات المرتبطة بفتح الأندلس.

أثار مسلسل فتح الأندلس المعروض على القناة في رمضان العديد من الجدل حول البعد التاريخي فيه، فهناك اختلاف مثلا حول طارق بن زياد هل هو عربي أم أمازيغي كان مولى لدى موسى بن نصير، هل كان أبيض أم كان أسود… بالنسبة لك، كمهتم بالتاريخ، ما حقيقة شخصية طارق بن زياد؟

> من الصعب قول «الحقيقة» في هذا الموضوع، بقدر ما يمكن التفكير في مجموع «الحقائق» التي تقدمها الروايات المختلفة، بل وأحيانا المتناقضة، بالشكل الذي يصير به هذا الرجل حاليا، مفتاحا لمنح المعنى لهويات راهنة، أكثر منها الاهتمام بهويته هو في حد ذاته، في ظل التجاذبات التي تخص أصله، والمنحى الذي يمكن أن يسير فيه انتصار حقيقة على أخرى، فهو أضحى الآن صانعا للحاضر، أكثر من كونه جزءا من الماضي، مادام أنه يخص مجالا حضاريا واسعا يمتد من المشرق إلى المغرب، بل حتى داخل بلاد المغرب، بالمفهوم التاريخي، يوجد هذا التنافس بين المغاربة والجزائريين عليه.

فالجميع يسعى إلى تبني هذا البطل، أو بالأحرى تبني البطولة ذاتها، وما يترتب عنها من زعامة تاريخية.

لقد انتقل طارق بن زياد من شخصية تاريخية إلى شخصية أسطورية تصبح مثار صراع اليوم على حق امتلاكه والتفرد به…

> أول شيء يجب التنبيه إليه، هو أن الروايات عن طارق بن زياد وعن فتح الأندلس، هي روايات متأخرة، كتبت أو دوّنت في مراحل لاحقة، وهو ما حذا بالبعض إلى اعتبار شخصية طارق بن زياد شخصية أسطورية، نسجتها المخيلات في ظل الصراع المسيحي الإسلامي في العهد الأموي، وفي ظل ما سمتها الأدبيات الإسبانية بـ»حروب الاسترداد»، باعتبار ذلك رد فعل على غزو أجانب أغراب، وفدوا من الشرق والجنوب، على أوربا وسيطروا على أراضيها الجنوبية، وهي نظرية الإسباني إغناثيو أولغوي في كتاب له ألفه بالفرنسية Les árabes n’ont jamais envahis l’Espagne، القائلة باستحالة ذلك «الغزو» بالشكل الذي تقدمه الروايات التاريخية المتداولة، من ذلك قلة عدد السفن المتوفرة حينها لتقلّ ذلك الجيش العرمرم. ويعزو انتقال الإسبان إلى الإسلام إلى اعتقادهم المسيحي الأريوسي (الأرياني) التوحيدي القريب جدا من الإسلام، في الوقت الذي حاولت فيه الفئة القليلة الحاكمة فرض الكاثوليكية عليهم. والحاصل، حسب هذه النظرية، أن الإسلام أصيل في إسبانيا، وأن العرب لم يغزوا قط هذا البلد. وهي النظرية التي يستند إليها المسلمون الإسبان المعاصرون للدفاع عن كون إسلامهم لم يأت عن طريق السيف، وإنما كان تطورا طبيعيا للتدين في بلادهم. وقد شكلت هذه النظرية لهم دليلا على أصالتهم، لدرء كل موجات الموروفوبيا والإسلاموفوبيا.

وماذا عن المصادر العربية، وإلى أي حد يمكن الوثوق بها؟

> عندما نقول المصادر العربية، فإننا نقصد المصادر التي كُتبت بالعربية، باعتبارها لغة التدوين والتأليف والعلم في ذلك العصر. ويمكن الخروج إلى النتائج الآتية فيما يخص الضبط النَّسبي (الجنيالوجي) لشخصية طارق بن زياد.

الأصل الفارسي: ورد عند ابن عذاري المراكشي في «البيان المغرب»، والحميري في «الروض المعطار»، وأورده المقري الذي كان يجمع الروايات المتقدمة. ولعل ذلك يعود إلى أمرٍ أساسي، هو الدور الذي قام به الفُرس في الإسلام، لا سيما في العصر العباسي، وبذلك مزاحمة العنصر العربي في عملية الفتح هذه.

الأصل الأمازيغي: الرواية التي تقدم الأصل البربري للرجل، علما أن مصطلح أمازيغي لم يكن له وجود في التداول الوسيطي، وهي روايات تعود إلى العصر المريني، مع ابن عذاري وابن عبد الحليم، باستثناء ابن خلدون. والعنصر الذي يقوي هذا التصور ويدعمه، هو أن الرجل ابن المنطقة، وعارف بطباع أهلها، إضافة إلى معرفته بمسالكها وممالكها، ومن ثمة يكون مؤهلا أكثر من غيره للعبور إلى الأندلس. لكن إن كان قد نشأ في المشرق، فإن هذه المزايا تصبح في حكم المعدوم.

الأصل العربي: يقول به ابن خلدون (الذي أولى العصبية والانتماءات القبلية عناية خاصة)، والبلاذري (ت. 279هـ) صاحب «فتوح البلدان»، فَهو ينتمي عنده إلى قبيلة بني ليث العربية، وابن حزم (ت. 456هـ) صاحب «جمهرة أنساب العرب»، بالاستناد إلى ابن عبد الحكم (ت. 257هـ) صاحب كتاب «فتوح مصر والأندلس»، الذي ينسبه إلى قبيلة بني صائد الهمدانية. والذي يدعم هذه الرواية، هو الاسم الكامل: طارق بن زياد بن عمرو، أو طارق بن زياد بن عبد الله، الذي يشير في صيغته الثلاثية إلى أصله العربي، فيصعب على أمازيغي أن يحمل هذا الاسم العربي الثلاثي وقتئذ، والإسلام لم يكن قد تجاوز حينها ثلاثة أجيال.

الأمر الثاني، يتمثل في استبعاد تولية موسى بن نصير لقائد أو والٍ محلي على المنطقة (المغرب)، فحتى ثورة الخوارج سنة 122 هجرية، ثلاثين سنة بعد فتح الأندلس كانت بسبب رفض سياسة الولاة الأمويين بالمغرب، وهو ما يفيد أن الولاية على المغرب كانت تمنح للعرب الموالين لخلافة دمشق. أما العنصر الأخير، فيتجلى في كون الرجل عاد إلى بلاد الشام وبها توفي، وهو ما قد يعني أنه عاد أدراجه إلى بلاده.

ومهما يكن من أمر أصل طارق بن زياد، فهو في نهاية المطاف، سواء أكان عربيا أم بربريا، فإنه يعمل في إطار المشروع السياسي الحضاري للدولة الأموية، أي السعي إلى التمكين للدولة الإسلامية في الغرب، الذي وصلت بعض سراياه إلى وسط فرنسا وشمال إيطاليا.

أثير جدال أيضا حول عنوان المسلسل: فتح أو غزو الأندلس، على شاكلة ما كان أثير حول فتح أو غزو المغرب، إن اختيار أي مصطلح من هذه المصطلحات، له إسقاطاته الإيديولوجية والفكرية، بالنسبة لكم كيف ترون الأمر؟

> المسألة تتعلق بالخلفية الفكرية التي تحكم أي اختيار، فالذين يرونه «غزوا» يستندون إلى حملة قامت بها مجموعة بشرية على أخرى، واحتلت مجالها الجغرافي، واستغلت خيراتها، وهو الشيء الذي يجعله لا يختلف عن أي شكل آخر من أشكال الاحتلال التي عرفها التاريخ. والذين يرونه «فتحا» يستندون إلى منظور ديني، يرى في ذلك نشرا للدين الجديد، وتمكينا له، وانتصارا للحق على الباطل والإيمان على الكفر…

لكن بين هاذين التصورين يوجد تصور آخر، وهو يرى أن اسم الفتح لا ينفي عملية الغزو التي تعني حملة عسكرية على مجال جغرافي، والسيطرة عليه سياسيا، وما يرافق ذلك من استقرار في المنطقة المعنية. لكن النتائج المترتبة عنه، هي نتائج إيجابية، فالتطور الحضاري الذي عرفته الأندلس جعل منها إحدى الصفحات المضيئة في تاريخ البشرية جمعاء، لا سيما أن الذين ارتأوا الاحتفاظ بعقيدتهم، لم يجدوا من يمنعهم من ذلك، من يهود طردوا مباشرة بعد سقوط غرناطة أو نصارى عُرفوا بالمستعربين Los Mozarabes، وكانوا على العموم، باستثناء أقلية قومية متعصبة، منبهرين باللغة والثقافة العربيتين. وهكذا ساهم الجميع جنبا إلى جنب من سكان «أصليين» وآخرين وافدين في بناء الحضارة الأندلسية الكونية، أو كما يحلو للبعض أن يسميها حضارة «الثلاث ثقافات»، Tresculturas وآخرون «ثقافة بثلاثة ديانات».

وينزع كثير من الدارسين الإسبان من مؤرخين ومستعرِبين معاصرين إلى اعتبار الحضارة الأندلسية حضارة إسبانية أوربية. أما حضور المُكوّن العربي والأمازيغي، فيظل فيها حضورا ضعيفا باهتا، فهُم يعتبرون ابن باجة وابن رشد وغيرهم من كبار المفكرين والأدباء والفلاسفة إسبانا، وليسوا عربا ولا أمازيغا…

ومن الجدير بالذكر، في هذا الخضم، أن الغزو، في نظرهم، يبدأ مع اجتياح جيوش «البدو البربر» القادمين من الصحراء للأراضي الإيبيرية، وهي الأطروحة التي نجدها عند رينهارت دوزي أيضا، والمقصود بهم المرابطون والموحدون، فعرفت البلاد، على إثر ذلك تراجعا حضاريا، إلى جانب انتشار التشدد والتحجر، عكس ما كان سائدا زمن الخلافة الأموية.

ويدعم هؤلاء تصورهم القائل بإسبانيةِ الحضارة الأندلسية المسلمة، بكون جُل أمراء بني أمية بالأندلس وخلفائهم، ينحدرون من أمهات إسبانيات… وعليه يميل البعض إلى استعمال مصطلح انتشار الإسلام الذي جعل إسبانيا تعيش نهضة سابقة على النهضة الأوربية، بدلا من الغزو الإسلامي، الذي يعني الاعتداء والتأخر وضياع الحقوق، وتبعية مُطلقة لعناصر خارجية.

وإذا كانت الأندلس قد احتفظت برأسمال رمزي يتمثل في الخلافة الأموية، فإنها احتفظت بشخصيتها المستقلة تجاه المشرق، في إطار تبادل التأثيرات، كما هو حال المغرب أيضا… لهذا فإنني أرى، وهو رأي العديد من المؤرخين، أن المصطلح المناسب هنا هو «فتح». أما الغزو الحقيقي، فهو الذي تعرضت له البلاد الأندلسية من قبل الممالك المسيحية في الشمال، وسمتها «استردادا» Reconquista، فعُمر الإسلام بتلك الأراضي ثمانية قرون، بينما لا يتعدى عمر الدولة الإسبانية منذ سقوط غرناطة إلى اليوم بالكاد خمسة قرون. كما أن الغزو والسيف لن يستطيعا أسلمة منطقة شاسعة في ظرف زمني قياسي والسيطرة عليها. فهناك عوامل أخرى سياسية وفكرية ساهمت في انتقال الإيبريين إلى الإسلام.

أثير أيضا نقاش حول خُطبة طارق ومدى صحة نسبتها إليه. في تقديركم هل ترون أنه بالفعل كانت هناك مصادر تؤكد صحة هذه الخطبة ونسبتها إليه، أم هو نص مكتوب وألقي من طرف طارق بن زياد، كأمازيغي لا يُتقن اللغة العربية، أم أن اللغة العربية كانت آنذاك هي اللغة الرسمية التي يجب أن يتواصل بها مسؤول دولة أو مسؤول في قطاع عسكري مع النخبة والعموم؟

> الجواب على هذا السؤال، أو عن هذا الإشكال، مرتبط لا محالة بسابقه، لهذا فإننا نقدم في هذا الخضم الأطروحات الآتية:

– الأولى: أطروحة بربرية طارق بن زياد:

هذا الشأن يمكن القول فيه إن نبوغ غير العرب في العربية، أمر عادي، فالعربية ليست ظاهرة عرقية، وإنما هي ظاهرة لغوية، ولنا في سلمان الفارسي، ثم سيبويه، وابن أجروم من المغرب خير دليل على ذلك. وإذا كان طارق قد نشأ في المشرق بعد أن سُبي، إن صحت هذه الرواية، فإن إنشاءه لهاته الخطبة ليس بالأمر الغريب ولا المستعصي. المشكل هو في متلقيها أو في إلقائها.

فالوجه الأول أنه ألقاها، ففهمها من فهمها من جنود العرب القلة الذين كانوا معه، وأحس بها باقي الجنود، لقوة الخطبة وطريقة إلقائها، تعظيما لهم للعربية، لغة الدين الذي يؤمنون به، والرسالة التي يعملون على نشرها، باعتبار ذلك طقسا من طقوس الفتوحات، أضف إلى ذلك: كم كان عدد الذين بإمكانهم سماعها، في غياب مكبرات الصوت في ذلك الزمن؟

– الأطروحة الثانية: سواء كان عربيا أم أمازيغيا، فإن الخطبة قد يكون ألفها أحد المرافقين للجيش، وألقاها طارق، مع العلم بوجود من يدافع عن أمازيغية الرجل وإتقانه للعربية.

– الأطروحة الثالثة: الخطبة أُلفت في عصر لاحق، في إطار أَسْطَرة الحدث التاريخي. من ذلك إحراق طارق للسفن، التي هي في الحقيقة ليست سفنه، كما أن قائدا مُسلما تابعا لنظام الخلافة، يجب أن يضع في حسبانه جميع الاحتمالات، ويحفظ دماء جنوده المسلمين، وبذلك فإحراق السفن على هذا الأساس لن يكون عملا أخلاقيا. كما أن هذا النوع من التصرف، يتكرر في روايات تاريخية عن حملات أخرى، كما يُحكى عن فرنان كورطيس عندما وصل إلى سواحل العالم الجديد.

لكن أمام تواتر ورود الخطبة في كثير من الروايات، على اختلاف بعض الصيغ، نعتقد صحتها وثبوتها، وهو الأمر الذي دافع عنه بعض دراسي التاريخ والأدب بالمغرب، في مقدمتهم عباس الجراري.

ما هي أبرز الاختلالات التي بدت لكم أيضا في المسلسل، أو تحوير وقائع ورؤيتها من الشرق، أو رؤية المغرب بعين مشرقية. لا بد أن يكون في ذلك انزلاقات وجهات نظر محددة إذا تتبعتم المسلسل أو من خلال ما يُكتب، توحي بأن هناك وجهة نظر أخرى مغايرة لحقيقة ما نعرفه، وما دار من لحظات تاريخية في هذا الموضوع؟

> رؤية الشرق إلى المغرب، ورؤية المغرب إلى المشرق، هذا أمر آخر، ونقاش يجب أن يخرج من دائرة التعصب والانفعال، إلى مجال التفكير العلمي والأكاديمي. ويحق لنا أن نتذكر ذلك الحوار الرائع والرزين الذي كان دائرا في مجلة «اليوم السابع» بين المفكرين: المغربي محمد عابد الجابري والمصري حسن حنفي، بعنوان «حوار المشرق والمغرب». في نظري، توجد ثلاثة توجهات في المغرب في نظرته إلى المشرق، وهي عموما تحكمها نظرة عرقية أو نظرة دينية:

التوجه الأول: يسعى إلى فصل المغرب عن المشرق بعروبته وإسلامه، وإن كان يقنع بالعامية المغربية ـ الدارجة بحسب الاصطلاح الموروث عن المدرسة الاستعمارية الفرنسية ـ إلا أنه يغفل عن كون الذين أنشأوا أقوى الدول (الإمبراطوريات) في الغرب الإسلامي، والمقصود بها المرابطون والموحدون، هم الّذين مكّنوا للغة العربية في المغرب.

التوجه الثاني: لا يمانع في هاته العلاقة مع المشرق، ويتماهى معه أيما تماهٍ، خاصة مع إيديولوجياته، بيْد أنه يغالي في نقل بعض المظاهر الثقافية المشرقية كاللباس مثلا…

التوجه الثالث: هو توجه متوازن، يؤمن بالخصوصية المغربية، بجميع مكوناتها الثقافية، لكن هذه الخصوصية لا تنفي وجود مشتركات قوية مع المشرق، وهو في الوقت نفسه يعمل على تجاوز كلٍّ من «مركزية المشرق» و«دونية المغرب».

وفي ما يخص هذا العمل الدرامي، ألا ترون أنه ينتقص من قيمة المغرب ويكرس مركزية المشرق؟

> عموما، المسلسلات والأفلام التاريخية لا تسعى إلى تقديم حقائق تاريخية محضة، بتفاصيلها ودقائقها. وأغلب تلك الأعمال تقع في أخطاء فتتعرض، بطبيعة الحال، للانتقاد، كما حدث لمسلسل «حريم السلطان»، أو كما يمكن أن ننتقد مسلسل «السيدة الحرة» الشفشاونية، حاكمة تطوان، التي كانت في العمل تتكلم لهجة وسط المغرب. ومن ذلك انتباه المشاهدين المُلمّين ببعض التفاصيل التاريخية في مسلسل «فتح الأندلس»، إلى وجود فاكهة الأناناس، ضمن طبق قدمه يوليان الغماري لطارق بن زياد، علما أن هذه الفاكهة لم يعرفها سكان العالم القديم.

ومهما يكن الأمر، تظل مساهمة المغرب (المجال الجغرافي) والمغاربة (العنصر البشري) في نظري مساهمةً قوية في عملية فتح الأندلس. لكن كان ذلك، كما قلت سابقا، تحت راية الدولة الأموية. لهذا فإن فتح الأندلس مشروع مشرقي بتنفيذ مغربي. وعليه، فإن كانت هناك مكامن خلل في النص أو في المسلسل، وكما يقول المثل: «ما حك جلدك مثل ظفرك»، يجب ألا ننتظر اعترافات من الخارج، لأن الضعيف هو الذي يفكر بهذه الطريقة. وإنما يجب العمل على إنجاز أعمال فنية محلية كبيرة متماسكة، ترفع من ذائقة المغاربة، وتربطهم بأمجادهم، وتنفتح بهم على الآخرين دون شوفينية ولا مازوشية، جديرة ببلد من حجم المغرب بتاريخه ورجاله، بنبوغه وببهائه. فالانتهاكات التي تطال الشخصية والهوية المغربيتين، إن وُجدت في هذا المسلسل، فهي عنصر إيجابي من هذه الناحية، لأنها على الأقل، حركت الأقلام والألباب للبحث والتفكير.

المشكلة تتجلى في أعمال أخرى رخيصة جدا تكرس البلادة والغباء، وهي السائدة الغالبة، والطامة الكبرى أن عدد مشاهديها مرتفع.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق