لماذا لا يثق المغاربة في البرلمان ؟

البرلمان المغربي

لا حديث على مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام إلا عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات، وغياب النقاش حول ذلك خلال أشغال المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار؛ الشيء الذي دفع عدد من المواطنين إلى انتقاد غياب التواصل الحكومي، وندرة المعطيات الكفيلة بفهم الوضع الجاري، وصولا إلى انتقادهم غياب النقل المباشر لأشغال اللجان البرلمانية كما كان الأمر في الولاية التشريعية الماضية.

 

وبالتزامن مع افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان، اليوم الجمعة 8 أبريل الجاري، شكّك رواد مواقع التواصل الاجتماعي، في الأرقام التي كان قد كشف عنها تقرير مؤشر الثقة للسنة الجارية، الصادر عن المعهد المغربي لتحليل السياسات، التي تفيد “الارتفاع المفاجئ في مستوى الثقة بالأحزاب السياسية والبرلمان، حيث أنه في سنة 2022 كان أكثر من نصف المستطلعين يثقون في البرلمان والأحزاب السياسية، مقابل 30 في المائة و26 في المائة على التوالي في سنة 2021 و2020”.

 

واستحضارا للأسباب المُفسرة لقلة ثقة المغاربة في البرلمان، تقول مريم ابليل، باحثة في القانون الدستوري والعلوم السياسية، إن “هناك الكثير من المعطيات التي تفسر عدم ثقة المغاربة في البرلمان، انطلاقا من التجاوزات التي تشهدها العملية الانتخابية، وصولا إلى عدم تواصل البرلمان” مشيرة إلى أن هذا هو السبب الأساسي لانعدام الثقة في البرلمان، إذ أنه في نهاية المطاف ما يراه المغاربة من البرلمان يكمن في الجلسة العامة التي تُعرض بشكل مباشر على القنوات الرسمية”.

 

“مُجمل المواطنين يعتبرون أن عمل البرلمان مُقتصر في الجلسة العامة، ولا يعلمون أي شيء عن أشغال اللجان النيابية، ولجان تقصي الحقائق، وليست لديهم أي معلومة عن عدد المهام الأخرى التي يعمل عليها البرلمان ومدى أهميتها، وذلك بسبب عدم انفتاح البرلمان” تُضيف الباحثة في حديثها للأيام 24.

 

وتؤكد ابليل أن “قطع التجربة المُتميزة التي عرفت نهاية الولاية السابقة، المُتمثلة في نقل أشغال اللجان مُباشرة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بمجلس النواب، وموقعه الرسمي، هي كذلك من الإشكالات التي أدت إلى فقدان ثقة المواطنين في المؤسسة التشريعية، فضلا عن عدم اعتماد البرلمان على القضايا الحية التي يُعاني منها المواطن المغربي في نقاشه”.

 

البرلمان بعيد عن اهتمامات المواطن

 

أما بالنسبة إلى كيفية تطوير أداء العمل البرلماني للتصدي لمختلف التحديات التي تُواجهه، توضح الباحثة في القانون الدستوري، بأنه “من الجيد أن يعكس البرلمان وجهة نظر مُختلف الفئات المُكونة للمجتمع، لكن من المهم أن يكون هناك نوع من النخبة المكونة التي تتواجد في المجلسين لشُغل المهام الأساسية على المستوى الرقابي والتشريعي، وكذا تطوير نظام مجلس النواب، وللإشارة حاليا هو بصدد تعديل نظامه الداخلي المُعتمد الذي تم تشريعه سنة 2017”.

 

إلى ذلك، أردفت ابليل في حديثها للأيام 24، أنه كذلك “من بين أبرز النقط التي بإمكانها تطوير الأداء البرلماني، هي إعطاء اختصاصات وإمكانيات أكبر للمعارضة، خاصة أن المُعارضة حاليا ضعيفة عدديا إذ لا تصل لثلث المقاعد؛ وكذلك يتوجب نشر اللوائح الاسمية لأعضاء مجلس النواب وإحالة الاتفاقيات الدولية على اللجان بحسب اختصاصاتها، كما أنه من المهم أن يتم إقرار لجنة دائمة تتعلق بالمساواة والمناصفة وأيضا احترام هذه المبادئ أثناء تشكيل هياكل مجلس النواب ومجلس المستشارين”.

 

“المغاربة لا يجدون البرلمان في صلب مشاكلهم، وأعتقد أن مشكل ارتفاع الأسعار يُشكل المعطى الأول الذي يجب على البرلمان الاهتمام به، عن طريق الآليات الرقابية المتاحة له، وكذلك ينبغي على الحكومة التفكير في قانون مالية تعديلي، من أجل تجاوز الإشكاليات التي طرحها كل من مُعطى الحرب والجفاف وتداعيات كورونا” تختم الباحثة حديثها للأيام 24.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق