أفغانستان: ما التركيبة القومية والدينية لهذا البلد الذي لم يعرف الاستقرار منذ نصف قرن؟
تم رسم الحدود الحالية لدولة أفغانستان في أواخر القرن التاسع عشر في سياق التنافس بين الإمبراطوريتين البريطانية والروسية وأصبحت أفغانستان الحديثة إثر ذلك بيدقاً في الصراعات الأيديولوجية والسياسية والإقتصادية بين القوى الدولية والإقليمية. منذ نصف قرن تقريباً تعاني أفغانستان من عدم الاستقرار والحرب الأهلية التي تصاعدت بشدة مع الغزو العسكري والاحتلال من قبل الاتحاد السوفيتي السابق بين عامي 1979-1989 الذي انسحب من أفغانستان عام 1989 بعد أن تكبد خسائر كبيرة مادياً وبشرياً. وبعد انسحاب القوات السوفييتية، صمد النظام الموالي للسوفييت لثلاثة أعوام في وجه الجماعات الإسلامية المدعومة من الغرب وباكستان، وبعد أربع سنوات من الصراعات والحروب الشرسة المدمرة بين الجماعات الإسلامية التي أطاحت بنظام نجيب الله الموالي لروسيا عام 1992، سيطرت حركة طالبان المتشددة على معظم أنحاء البلاد وفرضت نظام إسلامياً متشدداً حيث حُرمت الفتيات من التعليم بعد سن العاشرة وأُجبرت النساء على إرتداء البرقع ولم يسمح لهن بالخروج من المنزل دون محرم. وعقب هجمات سبتمبر/ أيلول 2001 غزت الولايات المتحدة أفغانستان بمشاركة عدد كبير من الدول الغربية وبعد عشرين عاماً من الوجود الأمريكي في أفغانستان توصلت الولايات المتحدة إلى اتفاق مع حركة طالبان التي قاومت لمدة عشرين القوات الأمريكية والأفغانية، خرجت بموجبه القوات الأمريكية من البلاد وقبل أن تكمل هذه القوات انسحابها إنهارت الحكومة الأفغانية المدعومة من واشنطن وسيطرت طالبان على معظم أرجاء البلاد دون مقاومة تذكر. أسفرت الحروب الأهلية المديدة المتكررة والغزو الخارجي عن مقتل مئات آلاف الأفغان ونزوج الملايين داخل وخارج البلاد. ويأتي اللاجئون الأفغان بعد اللاجئين السوريين من حيث العدد، حيث يعيش نحو مليون ونصف مليون لاجىء أفغاني في باكستان ونحو ثلاثة أرباع المليون منهم في إيران. كما أدت هذه الأوضاع إلى إجبار مئات آلاف الأفغان على النزوح إلى مناطق أخرى خارج مناطق عيشهم التاريخية. لم يتم إجراء إحصاء وطني للسكان في أفغانستان منذ الإحصاء الجزئي الذي جرى في عام 1979. وقد جعلت سنوات الحرب والهجرة والنزوح إجراء إحصاء دقيق أمراً مستحيلًا، وبالتالي فإن التقديرات الحالية للسكان هي تقريبية.
التعليقات مغلقة.