وهبي: سنتصدر الانتخابات و«الأحرار» بعيد عن المنافسة والخط الأحمر مع الإسلاميين انتهى

  • محمد كريم بوخصاص 

 

يعتبر عبد اللطيف وهبي مختلفا عن كل القيادات الخمسة السابقة للأصالة والمعاصرة، فالمواقف التي يتبناها والأفكار التي يُرددها تجعله أبعد ما يكون عن هذا الحزب الذي أعلن مؤسسوه أنه جاء لوضع نقطة النهاية لحزب الإسلاميين. لكن “وهبي” يُدافع بأن اختلافه هو ما سيجعل الحزب يصل إلى هدفه المتمثل في صدارة المشهد السياسي، لذلك تعد انتخابات 8 شتنبر 2021 أخطر امتحان يجتازه في حياته السياسية. وإذا كان الرجل قد حقق نجاحا في مساره المهني كمحام، فإنه يسعى جاهدا إلى أن يحقق نجاحا أكبر ينهي به مساره السياسي الذي يقول إنه كان سيقف في 2021 لولا تطويقه بمسؤولية قيادة الحزب في فبراير 2020.

 

في آخر حوار أجريته معك ويعود إلى أكتوبر 2018، قلت بشكل صريح إنك تفكر في التقاعد السياسي في 2021، وإنك تتمنى فقط أن يبقى لديك من القدرة ما يكفي لتكمل حتى 2021، لكنك اليوم أمين عام لحزب الأصالة والمعاصرة وطامح في تصدر الانتخابات. ماذا جرى بين 2018 و2021؟

> لقد جرت كثير من المياه في النهر. صحيح كان يفترض بي أن أتقاعد لكن حصلت تحولات جعلتني رئيسا للحزب ومسؤولا سياسيا، فتحول التقاعد إلى اضطلاع بمسؤولية أكبر، وأنا من الأشخاص الذين لا يتهربون من المسؤولية، لذلك تحملت مسؤولية ثقة مناضلي الحزب وأخرت تقاعدي إلى 2026، على أمل أن َيَمَنَّ الله علي – إذا أطال في العمر – بالتقاعد لأرتاح من عبء السياسة.

منذ انتخابك أمينا عاما للحزب في فبراير 2020 وشغلك الشاغل القطع بين «بام» اليوم والأمس، هل ترى أنك نجحت في هذه المهمة؟ وأي هوية تريدها للأصالة والمعاصرة؟

> ليست هناك قطيعة، فالأصالة والمعاصرة له تجارب وتراكمات تضمن له الاستمرارية، كما أن العمل الحزبي بطبيعته ليس فيه قطيعة، لكن لا أنفي أن بعض الجزئيات حصلت فيها قطيعة، كعدم احترام المؤسسات الداخلية والالتزام ببعض المواقف، لذلك يمكن القول إننا جمعنا بين الاستمرارية والقطيعة، ونحاول أن نعطي نَفَسا وتوجها جديدين للحزب.

هناك من يتهمكم، حتى من داخل حزبكم، بأنكم تريدون أن تقطعوا مع مشروع الحزب المبني على محاربة الإسلاميين وتقديم خطاب سياسي جديد، هل هذا صحيح؟

> لقد أحدثنا قطيعة مع التوظيف السيء والسلبي للحزب، وأيضا مع بعض التصرفات والمواقف التي يجب ألا تستمر لأنها لا تتلاءم مع حزب سياسي يريد نيل ثقة المواطنين، وتبقى مخالفة لمفهومي الحداثة والديمقراطية اللذين يعليان من شأن الحوار والانفتاح على الآخر.

من جهة أخرى، يجب أن لا ننسى أن الثقافة الوطنية المغربية هي ثقافة توافق، وهذه الفكرة يجب أن تحضر في ممارساتنا السياسية، وهي التي جعلت المغرب مستقرا طيلة 14 قرنا، ومازالت تجد صداها وشرعيتها اليوم باعتبارها أحد مقومات الحزب السياسي منذ الأزل.

عطفا على جوابك، قد يقول قائل: إذا كنت مقتنعا بأن عددا من تصرفات ومواقف «البام» السابقة كانت مخالفة للديمقراطية ولمبدأ التوافق، ألم يكن الأجدى أن تعلنوا حل هذا الحزب في إطار نقدكم لتجربته وتأسيس حزب آخر بمفردات وتصورات جديدة؟

> نحن أدخلنا تغيرات لكي نتقدم للأمام، وقد وضعنا الماضي وراءنا ونتطلع للمستقبل، ولم نأت لتصفية الحساب مع أي جهة أو أي شخص، بل جئنا بتصور جديد ومن أراد أن يستمر معنا فمرحبا به، وقد حافظنا على جميع مناضلينا وفتحنا معهم حوارا. هناك من استمر معنا وهناك من بقي على الهامش، وهذه مسألة اختيار بالأساس.

في سياق التغييرات التي تتحدث عنها، يبدو أن التحالف مع العدالة والتنمية لم يعد خطا أحمر بالنسبة لحزبكم؟

> لم يعد لدينا خط أحمر، انتهى الموضوع.

 

قبل الدخول في موضوع الانتخابات، يبقى السؤال الأبرز الذي سيخيم عليها هو المتعلق بالقاسم الانتخابي على أساس المسجلين الذي لم يكن متضمنا في مذكرة حزبكم التي قدمتموها للداخلية، قبل أن تتحولوا إلى أكبر مدافع عنه، لماذا؟

> فعلا، القاسم الانتخابي الجديد لم يكن متضمنا في مذكرة الأصالة والمعاصرة، لقد قدمته أحزاب أخرى وناقشته معنا واعتبرناه إيجابيا ودافعنا عنه. نحن مقتنعون بفكرته لذلك ندافع عنه، ولم نتبنّه ضد أحد، بل اخترنا هذا الموقف وفقا لمصالحنا كمعارضة وتصورنا كحزب، وتبعا لطبيعة تقييمنا للوضع السياسي في المغرب.

وأؤكد لك أننا لن نتردد في اتخاذ الموقف الذي نريد حتى إن كان سَيُفسر لفائدة حزب ما أو ضد آخر، لقد اتخذنا القرار بالموافقة على القاسم الانتخابي على أساس المسجلين بعد نقاش داخلي دام قرابة ستة أشهر، وذهب التوجه العام في آخر لحظة في اتجاه قبول القاسم الانتخابي، وأنا أنفذ قرار الحزب.

وبناء عليه، أعتقد أن نقاش القاسم الانتخابي اختلطت فيه الكثير من الأشياء، اختلط فيه ما هو سياسي بما هو حزبي، وما هو حساباتي مرتبط بالانتخابات، لكن أكرر أننا تعاملنا مع هذا النقاش انطلاقا من موقعنا ومصلحة حزبنا وتصورنا للمشهد السياسي.

قلتم في تصريحات سابقة إن دفاعكم عن القاسم الانتخابي على أساس المسجلين بدل الأصوات الصحيحة هو من أجل حماية الأحزاب الوطنية، هل أنت كفيل لهذه الأحزاب؟ ومن كلفك بهذه المهمة؟

> ما قلته إن القاسم الانتخابي يمكن أن يساعد الأحزاب الوطنية في الحصول على نتائج أفضل في الانتخابات.

(مقاطعا) لماذا تبحث لها عن منفذ للهروب من معاقبة المواطنين لها في الانتخابات إن رأوا ذلك؟

> أنا أفكر في التاريخ السياسي للمغرب وفي التراكمات السياسية المحققة، وأنا أدافع عن فكرة وليس عن أحزاب، أدافع عن فكرة أن الديمقراطية يجب أن تبقى مستمرة، أما الأحزاب فلها إمكانياتها وتصوراتها ومواقفها.

هل تستطيع أن تُنكر أن القاسم الانتخابي الجديد يكافئ الأحزاب الكسولة؟

> لا، ليست هناك أحزاب كسولة وأخرى غير كسولة.

وكيف تُفسر أن بعض الأحزاب ستحصل على نفس عدد المقاعد بأقل عدد من الأصوات وبدون أي جهد؟

> هذا فهم مغلوط. الأحزاب تقوم بمهامها، ربما عليها أن تعيد النظر في مواقفها وقضاياها وقياداتها، لكن ذلك لا يمنع من إعطائها فرصة إذا تمكنا من ذلك. نحن لم نأت من أجل قَتل جميع الأحزاب، بل جئنا لكي نتعاون معها.

أليس دفاعكم عن القاسم الانتخابي الجديد مرده إلى كونه سَيَصُب في مصلحتكم، لأن إعادة احتساب نتائج انتخابات 2016 بالقاسم الانتخابي على أساس المسجلين يمنحكم الصدارة؟

> بالعكس، دراستنا تؤكد أن القاسم الانتخابي على أساس المسجلين سيجعلنا نخسر حوالي 20 مقعدا، لكن رغم معرفتنا بهذا الأمر تبنينا هذا التعديل.

في النهاية لن يكون حزبكم الخاسر الأكبر، فالعدالة والتنمية سيكون أكبر متضرر، أليس كذلك؟

> عندما أتخذ موقفا سياسيا لا أضع أي حساب للعدالة والتنمية، وما إن كان سيستفيد أو سيخسر، ذلك شأنه الخاص، وهو الذي يجب أن يلتفت لذلك، أما أنا فإني أدافع عن حزبي ومصلحته.

لكن هل يوجد أمين عام لحزب في العالم ليست لديه مشكلة في الموافقة على تعديل يمكن أن تترتب عنه خسارة حزبه عشرين مقعدا في البرلمان؟ ما هو السبب الحقيقي لدفاعكم عن القاسم الانتخابي الجديد؟ هل كل ذلك فقط لأجل سواد عيونه؟

> هذا يرتبط بمفهوم الربح والخسارة عندك، وربما أختلف أنا والعدالة والتنمية في مفهوم الربح والخسارة في تاريخ الأمة.

ألا تخشون من البلقنة التي ستترتب عن العمل بهذا القاسم الانتخابي الجديد، خاصة على مستوى المجالس الجماعية؟

> قلت لك سابقا إن المغرب يقوم على ثقافة التوافق، والبلقنة لا تخيف المغاربة، فهي شعار سياسي يرفعه البعض من أجل حسابات سياسية ضيقة.

لكنك دائما تتهم الأغلبية الحكومية بأنها جزر متباعدة، وهي مشكلة من خمسة أحزاب فقط، ألا تُفكر في كيف سيكون عليه الوضع بعد انتخابات الثامن من شتنبر المقبلة؟

> أنا لم أنتقد الحكومة لعدد أحزاب أغلبيتها، إنما انتقدتها لمواقفها وعدم خروجها بقرارات موحدة. هناك مسؤولية مشتركة ومتبادلة يفرضها العمل الحكومي، لكن عندما أرى أن الاتجاهات مختلفة داخل الحكومة في بعض المواضيع فإن ذلك هو ما يدفعني لأقول إنها «جزر»، أما أن تكون متكونة من عدة أحزاب فهذا طبيعي جدا، والمغرب ممثل حسب مكوناته الداخلية.

أفهم من كلامكم أن لا مانع لديكم إذا فاز حزبكم بالانتخابات وتم تعينكم رئيسا للحكومة أن تتشكل أغلبيتكم الحكومية من عدد كبير من الأحزاب؟

> طبعا، أكثر من ذلك لقد طالبت أن يكون ممثلا فيها حتى المجتمع المدني، هذا هو تصوري للحكومة التي سيشكلها حزب الأصالة والمعاصرة في حالة فوزه بالانتخابات وليس عبد اللطيف وهبي.

في موضوع الانتخابات، هل أكملتم التفاصيل المرتبطة بالبرنامج الانتخابي لحزبكم وقائمة اللاعبين الذين ستخوضون بهم الانتخابات التشريعية؟

> حسمنا أمر كل المرشحين باستثناء مرشحي خمس دوائر انتخابية، وفي ما يخص البرنامج الانتخابي فقد قطعنا نصف الأشغال تقريبا ومازلنا نشتغل وسنستمر في الاشتغال إلى آخر لحظة.

هل ستدفعون بوجوه جديدة للانتخابات؟

> طبعا، سيكون حوالي 30 في المائة من الوجوه الجديدة، وسنعلن عن ذلك بالأرقام والأسماء في ندوة صحافية.

هل مازال الأعيان يحضرون بقوة في قائمة مرشحيكم؟

> طبعا، لأن لديهم قدرة انتخابية وحضور قوي وإمكانيات وعلاقات ووضع اجتماعي. والمغرب ليس دولة حداثية مائة في المائة، فمازالت القبيلة حاضرة بقوة، وكذلك مازالت تحضر المكانة وعناصر أخرى خارج ما هو موجود في الدول الغربية. نحن عندنا عناصر أخرى تقرر في من هو المرشح الأفضل.

لكن المؤكد أن حضور الأعيان يكون دائما على حساب المناضلين، أليست لديك مشكلة في ذلك؟

> كن متأكدا أنك إذا قدمت مناضلا لن يحصل على عدد الأصوات المطلوبة، فالأعيان لهم موقع وتأثير داخل المجتمع. ولعل من أسباب فشل أحزاب اليسار أنها لم تكن براغماتية مع الانتخابات وظلت مَبدئية، ومسألة المبدئية أثبتت فشلها، يجب أن نكون براغماتيين مع العملية الانتخابية.

كأني فهمت من جوابك أن كل ما يهم الأمين العام للأصالة والمعاصرة هو الحصول على أكبر عدد من المقاعد حتى إن حصل ذلك بأشخاص غير مقتنعين بمبادئ وإيديولوجية وتصورات الحزب؟

> هناك خياران مطروحان؛ إما أن تكون مثاليا وأن تقول إنك ستأتي بوجوه جديدة وسيكون مآلك الفشل، لأن ذلك تم تجريبه وأثبت فشله، ونتيجة هذا الفشل أنك ستستمر في الهامش وغير مؤثر في التوجهات السياسية، وإما أن تبحث عن الأقدر لكسب المقاعد لتفرض نفسك داخل المعادلة السياسية وتتمكن من الدفاع عن أفكارك.

قلتم في حوار صحافي سابق إنكم متأكدون من فوزكم بالانتخابات، ما الذي يدفعكم للحديث بهذه اليقينية؟

> العمل المضني الذي قام به الإخوة أعضاء المكتب السياسي واللجنة الوطنية للانتخابات، ثم طبيعة المرشحين الذين سندفع بهم وأمور أخرى، وأعتقد أن لدينا حظوظا كبيرة لنتصدر الانتخابات، ونتمنى من الشعب المغربي أن يُعطينا هذا الدور.

بماذا تَعِدون الشعب المغربي لكي يُصوت عليكم بكثافة؟

> نحن لا نُقدم وعودا بل نقدم برنامجا، ونحن منفتحون على جميع القوى السياسية ولدينا الرغبة في تطوير فرص الاستثمار وإعادة النظر في مجموعة من القضايا الاقتصادية، وتفعيل مجموعة من الأفكار التي جاء بها المشروع التنموي الجديد والتي نعتبرها إيجابية، ونتمنى التوفيق في ذلك.

وما هو الحزب الذي تخشون منافسته؟

> نخشى جميع الأحزاب بدون استثناء، لأن الصراع سيكون على عدد قليل من المقاعد، وبالتالي فإن أي حزب يمكن أن يأتي في الصدارة.

لكن من تُرشحون ليكون منافسا قويا لكم؟ العدالة والتنمية أم التجمع الوطني للأحرار؟

> التجمع الوطني للأحرار بعيد عن المنافسة، لكن العدالة والتنمية ممكن.

لكنكم تُوجهون في الآونة الأخيرة اتهامات عديدة للتجمع الوطني للأحرار، لماذا؟

> لم نطلق اتهامات، بل وجهنا انتقادات لتصرفات هذا الحزب الصادرة ضدنا، خاصة بعد أن جلسنا واتفقنا على أن يبتعد كل واحد عن الآخر، ومازالت هناك ملفات عالقة بيننا ولم يقو التجمع الوطني للأحرار على تنفيذ التزاماته.

أعطني مثالا عن ذلك؟

> مثل موضوع استقطاب بعض الوجوه التي تنتمي للحزب.

لكن أنت من المدافعين عن حرية الاختيار وتغيير اللون السياسي، أين المشكل في استقطاب الأحرار لباميين؟

> طبعا، ليس هناك مشكل، لكن على الأقل لا يجب استعمال الأموال والعلاقات ووسائل الدولة لتحقيق ذلك.

هل تتهم التجمع الوطني للأحرار باستعمال وسائل الدولة قبل الانتخابات؟

> نعم، هم الذين يملكون الوزارات، أنا لا أملك وزارات.

(مقاطعا) هناك أحزاب أخرى غير التجمع الوطني للأحرار لديها حقائب وزارية لكنك لا تتهمها باستعمال وسائل الدولة؟

> على الأمناء العامين مستقبلا حينما يصلون إلى مستوى الإشراف على الانتخابات أن يقدموا استقالاتهم من الوزارات على الأقل شهرين قبل الانتخابات، وأيضا يجب على رئيس الحكومة تقديم استقالته من رئاسة الحزب، هذه وجهة نظر يختلف معي فيها الكثير من مناضلي الحزب.

بدل هذه المقترحات، يمكن أن يدفع حزبك نحو تأسيس لجنة مستقلة للإشراف وتدبير الانتخابات كما يحصل في دول عديدة.

> نحن دولة لها تاريخ، ووزارة الداخلية مهما اختلفنا معها، استطاعت أن تثبت أن لها القدرة على إدارة الانتخابات. أنا ضد تكوين هذه اللجان، إذ يجب على الدولة أن تقوم بدورها، ووزارة الداخلية مسؤولة عن الانتخابات والسيد رئيس الحكومة هو المسؤول السياسي الأول عن مراقبة اضطلاع الداخلية بدورها.

هل تُفكرون في التنسيق مع حزب أو أكثر قبل الانتخابات، خاصة أحزاب المعارضة؟

> لا نفكر في ذلك. قد ننسق بعد ظهور النتائج، علما أني متمسك بالتحالف مع التقدم والاشتراكية بعد الانتخابات. أما حزب الاستقلال فهو لا يريد التحالف بل يريد التنسيق فقط، والتنسيق سيتوقف بعد الانتخابات.

هل مازلت تتمنى التحالف مع العدالة والتنمية؟

> لم أتمنه يوما، ولكن قلت إنه إذا أتى فلن أرفضه. لماذا سأتمناه؟ النتائج هي التي تقرر مع من يمكن أن نتحالف، لكني لا أرى في تحالفي مع العدالة والتنمية أي مشكلة. بالعكس، هو حزب مثل جميع الأحزاب، ويمكن أن أتفاوض معه على برنامج ونذهب للحكومة، هذه مسألة لا أرى فيها مانعا.

لكن العدالة والتنمية له مشكل مع الأصالة المعاصرة لطالما عبر عنه..

> (مقاطعا) كان له مشكل مع القيادة السابقة، وليس مع الحزب، والآن علاقتنا به طيبة، ونتناقش معه بحوار بناء.

هل هناك حوار مفتوح بينكم وبين العدالة والتنمية؟

> طبعا هناك حوار مع السي العثماني، وأيضا مع بعض أعضاء الأمانة العامة، وعلاقتنا بهم جيدة جدا.

تقصد أنه ليس حوارا مؤسساتيا ولكنه حوار مع أفراد من البيجيدي؟

> حاولنا أن نجعله مؤسساتيا في مرحلة ما، لكننا لم ننجح في ذلك، وبقي الموضوع فرديا ومحكوما بعلاقات شخصية، وعلى الأقل هناك تواصل في ما بيننا.

المجلس الوطني للحزب سيعقد بعد الانتخابات ولا أجد حرجا في التراجع والاعتذار إطلاقا

فضلا عن العوامل السالفة الذكر التي ستؤثر على الانتخابات، فإن المؤكد أن هناك عوامل ذاتية ستؤثر على حظوظ الأصالة والمعاصرة، أهمها اشتغاله بمكتب سياسي مؤقت ومجلس وطني معطل، هل تتفق أن هذه الوضعية ستؤثر سلبا على حزبكم؟

> لن تؤثر سلبا، لأننا نقوم باستشارات عمودية وأفقية داخل الحزب، وأعضاء المكتب السياسي بالصفة موجودون. وبخصوص المجلس الوطني فأنا لا أريد عقد مجلس وطني صوري والتصرف بشكل غير ديمقراطي، لأن هناك قرارات وقوانين يجب أن تتمخض عنه، وعليه أؤكد لك أن الحزب يسير بشكل عادي ولا يوجد أي إشكال، وسنعقد المجلس الوطني متى ما وافقت وزارة الداخلية على ذلك.

لكن المؤكد أن انعقاد المجلس الوطني سيتم بعد الانتخابات، أليس كذلك؟

> بلى، سيكون بعد الانتخابات، لأننا سنكون ملزمين بالإجابة عن مجموعة من التساؤلات السياسية الناتجة عن الانتخابات والتي يرجع فيها اختصاص النظر إلى المجلس الوطني، وحينها سننتخب أعضاء المكتب السياسي، والمهم أن يُعقد المجلس حضوريا.

في الثامن من شتنبر 2021 سيكون قد مر عام ونصف على انتخابكم أمينا عاما، لكن إلى اليوم لم يتم انتخاب المكتب السياسي، هل اشتغالك بدون رقابة المجلس الوطني باعتباره أعلى هيئة في الحزب «سليم» في نظرك؟

> المجلس الوطني من حقه الانعقاد في أية لحظة، لكن الوضعية الوبائية هي التي تحول دون ذلك، وقد رفضت وزارة الداخلية الترخيص بعقد المجلس الوطني بحضور 700 عضو، لذلك تقرر أن ينعقد في شتنبر أو أكتوبر القادم.

ألم تجدوا حلولا بديلة لعقد المجلس الوطني كما فعلت أحزاب أخرى؟

> من الناحية القانونية لا يمكن ذلك، نظرا لطبيعة التصويت عندنا والذي يشترط أن يكون بالأيدي ولا يمكن احتساب الأيدي عن بعد، وأي شخص يمكن أن يطعن في مخرجات المجلس الوطني، كما أن الأحزاب الأخرى لم يكن في أجندة مجالسها الوطنية انتخاب المكتب السياسي، وهذا النقاش حاضر داخل الحزب، والأهم أننا نشتغل بشكل جماعي.

بشكل جماعي حتى مع المحسوبين على تيار الشرعية بقيادة حكيم بنشماس؟

> مع الجميع، نحن لا نُهمش أحدا أو نُحرج أحدا، وجلهم قد عاد للاشتغال في الحزب وليس هناك إشكال.

لكن الحزب مازال يعرف بين الفينة والأخرى توترات داخلية، آخرها ما حصل مع البرلماني هشام المهاجري؟

> اتخذت قرارا في حق المهاجري بناء على تقرير، لكن جاءت وساطة عائلية ومؤسساتية واجتمعت به وتجاوزنا قرار الطرد، والأمين العام للحزب عندما يُصدر قرارا فليس معنى ذلك أنه النهاية، بل يمكن أن يُراجعه.

تبعا لذلك، هل يمكن أن تراجعوا باقي القرارات المتعلقة بطرد بعض الأعضاء؟

> ممكن. إذا ثبت أن ذلك سيكون في مصلحة الحزب يمكن مراجعة تلك القرارات، وكل ما فيه مصلحة للحزب سأقوم به. أنا لا أجد حرجا في التراجع والاعتذار إطلاقا، وذلك اقتناعا مني بأن مصلحة الحزب هي التي لها الأسبقية في كل شيء، أما ذاتية وهبي وشعوره النفسي فهي مسألة يمكن أن أتجاوزها.

هناك من يقول إن ما يهم وهبي هو ضمان الحصول على مقاعد في الانتخابات المقبلة، وأن تراجعكم عن قرار طرد المهاجري يعود إلى خشيتكم من ضياع مقعد برلماني؟

> لا أبدا، لم نناقش الموضوع من هذه الزاوية، والتراجع عن القرار جاء بعد وساطات عائلية ونضالية.

أنتم معروفون بعلاقتكم المميزة بابن كيران وتحرصون على زيارته باستمرار في منزله، ما سر علاقتك بالرجل؟

> ابن كيران صديق، أزوره في بيته وأسأل عنه، وتجمعنا علاقة إنسانية هي في حدود الإنسانية.

ألم تتطور هذه العلاقة إلى ما هو سياسي؟

> لا أبدا، النقاش السياسي يكون مع الشخص الذي يمثل المؤسسة، وهو السيد سعد الدين العثماني، وإذا حصل نقاش سياسي مع ابن كيران فيكون نقاشا حبيا يهم تبادل الأفكار، وهو رجل أكن له كل الاحترام، وعلاقتي به جيدة جدا.

كيف ترى الانتخابات بدون ابن كيران الذي يبدو أنه لن يتقدم للانتخابات ولن يساهم في تأطير الحملة الانتخابية لحزبه؟

> كل شخص يقضي مرحلته ويرحل، وهذا طبيعي. السي ابن كيران لعب دورا وأعلن لاحقا أنه في تقاعد، وانتهى الموضوع. يجب أن نقبل هذه الأشياء، والدوام لله. وأعتقد أن الانتخابات ستكون صعبة على الجميع ليس بسبب غياب عبد الإله بن كيران، بل بسبب الوباء ونظرة الناس للأحزاب والوضع الاقتصادي والكثير من الأشياء التي ستؤثر في الانتخابات.

ما هو تعليقك على الحكم الصادر في حق الزميل الصحافي سليمان الريسوني؟

> هذا حكم قضائي قابل للاستئناف، ومازال القضاء لم يَحسم في الملف بشكل نهائي، وأتمنى أن تتم مراجعة هذا الحكم في الاستئناف.

ماذا عن إضرابه عن الطعام، وأنا أسأل وهبي الحقوقي والمحامي قبل أن الأمين العام للأصالة والمعاصرة؟

> (صمت برهة) ماذا أقول عن الإضراب عن الطعام؟ أنا أتعاطف معه، لأن الإضراب عن الطعام يسيء إلى صحته، ومتمنياتي أن يوجد حل لتوقيف هذا الإضراب عن الطعام.

في موضوع تقنين الكيف، هل سيستمر حزبكم في الدفاع عن التقنين إلى ما لا نهاية حتى إن كان لمعارضة فريقي البيجيدي تأثير سياسي على هذا المشروع؟

> طبعا، موقفنا من تقنين الكيف أصلي وأساسي، وسبق أن قدمنا مقترحات في هذا الموضوع قبل أن تأتي الحكومة بمشروع القانون، ونحن متمسكون به، وذلك من منطلق الحاجة إلى نقل وضعية منطقة جغرافية ببلادنا من اللاقانون إلى القانون، ومن نوع من التجاوزات إلى القانون، وأيضا من موقع التوقف عن غض الطرف عن موضوع يسائلنا بشأنه العالم كله، لذلك يجب أن نتعامل بقانون وجرأة وشجاعة.

يفترض أن الأمناء العامين السابقين هم أعضاء بالصفة في المكتب السياسي؟ هل هناك تواصل دائم معهم أم هناك قطيعة؟

> ليسوا أعضاء بالصفة في المكتب السياسي، فالوحيد الذي له الحق في الحضور هو السي حكيم بنشماس بصفته رئيسا لمجلس المستشارين، لكنني أتواصل مع بعضهم مثل السي بيد الله، والسي بنشماس (صمت طويل).

ماذا عن الباكوري؟

> تواصلنا مرتين أو ثلاث.

وإلياس العماري؟

> لا. سألت عن صحته حين كان مريضا فقط.

هل ابتعد تماما عن الحزب؟

> نعم، ابتعد تماما.

يسرك ابتعاده؟

> لا. هو عضو مناضل في الحزب، وأتعامل معه كعضو وأمين عام سابق، وإذا زرتم القاعة السفلى ستجدون صور الأمناء العامين بدون استثناء بمن فيهم إلياس العماري، فهو جزء من تاريخ هذا الحزب، وليس من حقي أن ألغي هذا التاريخ.

عمليا أنت تلغي ذلك التاريخ عندما تتحدث بسلبية عن ممارسات الحزب السابقة…

> هذا تقييمي وقراءتي ونقدي الذاتي للممارسة السياسية للحزب، أما عن الشخص فأنا متمسك بكونه جزءا من تاريخ هذا الحزب.

هناك أزمة مستفحلة منذ مدة مع الجارة إسبانيا، كيف تُقيم طريقة تعامل الدبلوماسية المغربية في هذا الملف؟

> الموقف المغربي كان صارما، لأن القرار الإسباني باستقبال ذلك الشخص المتابع في قضايا تعذيب كان مستفزا. هذه النقطة أفاضت الكأس، والمغرب يريد من الحكومة الإسبانية سياسة واضحة تجاه وحدته الترابية، وإذا كانت إسبانيا ضد الانفصال في الداخل فعليها أن تكون منطقية مع نفسها وأن تكون ضد الانفصال في الخارج، كما أن المغرب لا يمكن أن يقف مع إسبانيا في مشكلتها مع الانفصاليين بينما توظف ضد المغرب ورقة الانفصال.

الدرس مما تعانيه إسبانيا مع الانفصاليين داخلها يجب أن يكون موجها لها للتعامل مع الانفصاليين في المغرب.

كحزب معارض، هل تتفقون مع طريقة تدبير الحكومة لهذا الملف؟

> اتفقنا مع البعض فيها واختلفنا مع البعض الآخر، وحاليا نعتقد أن إقالة وزيرة الخارجية الإسبانية إشارة للمغرب يجب أن يلتقطها ويتخذ القرار الذي يراه مناسبا.

والعلاقات بين البلدين يجب أن تعود في يوم من الأيام، لأنه لا يمكن أن يستمر هذا النزاع مدى الدهر، فهم جيراننا وهذا قدرنا، ولا يمكن أن نغير الجغرافيا في جميع الأحوال.

هناك أزمة أيضا مع ألمانيا، ما رأيك في كل هذه الجبهات التي فتحتها الدبلوماسية المغربية؟

> أعتقد أن مشكلتنا مع ألمانيا مُصَفرةٌ، وإذا كانت ألمانيا تطمح أن تلعب دورا في المغرب العربي في المستقبل فعليها أن تدخل من بوابة المغرب باعتباره الأكثر استقرارا وقدرة على مساعدتها في لعب هذا الدور، أما أن تمر بشكل عدائي وعبر دولة أخرى فهذا قد يلبي بعض مطالبها الظرفية، لكنه لن يَبني لها سياسة في المنطقة.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق