هل استعاد حراك الجزائر قوته بعد عامين على انطلاقه؟

المحتجون يطالبون بدولة مدنية ديمقراطية في الجزائر
Getty Images
المحتجون يطالبون بدولة مدنية ديمقراطية في الجزائر
في الثاني والعشرين من فبراير/شباط 2019، خرج حراك الجزائر مطالبا بتغيير النظام ورؤوسه، ونجح بالفعل في الإطاحة بالرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة في أبريل/نيسان من العام نفسه، بعد أن قضى حوالي عشرين عاما في منصبه. وعلى عكس الكثير من الاحتجاجات في العالم العربي، لم يهدأ حراك الجزائر بتنحية الرئيس، بل استمر في مطالبه السياسية والاقتصادية حتى فرض وباء كورونا وقفة مؤقته للحراك في مارس/أذار 2020. واليوم، بعد عامين من انطلاق الحراك، خرج آلاف الجزائريين للشارع مرة أخرى، معبرين عن مطالبهم في "السلام والحرية والديمقراطية، وفي نظام حكم تكون في القلب منه "دولة مدنية وليست عسكرية". الحراك لم ينته ويشدد النشطاء الداعمون للحراك على أنه لم يصل إلى غايته حتى الآن، وأن توقف الاحتجاجات بسبب كورونا لا يعني بالضرورة رضا المحتجين عن الأوضاع الحالية. وهتفت الحشود التي خرجت الثلاثاء 23 فبراير/شباط ضد النظام الحالي صراحة، وطالبت بالإطاحة بالحكومة الحالية التي يرونها امتدادا لنظام بوتفليقة، كون الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون كان رئيس وزراء الرئيس السابق. والتكهنات الحالية حول حالة تبون الصحية واختفائه لفترات طويلة أعادت إلى أذهان الجزائريين صورة بوتفليقة في سنوات حكمه الأخيرة، وقد تمكن المرض منه بعد إصابته بجلطة دماغية عام 2013، حتى اختفى من الظهور الإعلامي تماما منذ عام 2017. وكان تبون - البالغ من العمر 75 عاما - قد نُقل لألمانيا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي للعلاج من فيروس كورونا، حسب ما أعلنت الرئاسة الجزائرية آنذاك. لكن غيابه لحوالي ثلاثة أشهر دفع البعض للتكهن بأن الرئيس "مريض فعلا" بشكل يحد من قدرته على إدارة البلاد. ورغم عودة تبون وظهوره في مطلع الشهر الجاري، تستمر حتى الآن المخاوف بشأن حالته الصحية. قمع للحريات وكانت الجزائر قد فرضت سلسلة من إجراءات الإغلاق العام الماضي للحد من انتشار فيروس كورونا، وهو ما رآه النشطاء استغلالا للظرف الصحي لقمع الاحتجاجات وتكميم أفواه المعارضة. وانتقل نشاط الحراك إلى الإنترنت، بين مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من التطبيقات الإلكترونية. وتباعا، أقرت السلطات العام الماضي قانونا يحظر نشر الأخبار الكاذبة عبر الإنترنت. ويقول نشطاء إن هذا القانون كان الغرض منه الإجهاز على نافذة الحريات الوحيدة المتاحة في ظل الإغلاق. وأُلقي القبض بموجب هذا القانون على العشرات ممن انتقدوا الرئيس والجيش على مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى آخرين اعتُقلوا لمشاركتهم في احتجاجات محلية محدودة. وفي مقابل هذه الاعتقالات، جاء نبأ تبرئة السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق، من تهم "التآمر ضد الدولة" في يناير/كانون الثاني الماضي ليزكي حالة الغضب في الجزائر. واعتُبر السعيد بوتفليقة هو الحاكم الفعلي للجزائر من وراء الكواليس في فترة حكم شقيقه، واعتُقل في مايو/أيار 2019 بعد اتهامه بالتخطيط لإعلان حالة الطوارئ ومحاولة زعزعة قيادات الجيش، التي كان يترأسها آنذاك اللواء أحمد قايد صالح. وحُكم على بوتفليقة بالسجن 15 عاما، حتى أعلنت المحكمة العليا في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 أنها ستعيد النظر في قضيته. ثم برّأته المحكمة ومساعديه، الجنرال محمد مدين المعروف باسم "الجنرال توفيق"، الذي ترأس إدارة المخابرات والأمن لمدة 25 عاما، والجنرال عثمان طرطاق. ونُقل السعيد بوتفليقة الآن إلى سجن آخر، إذ ما زال يواجه تهم فساد أخرى. إجراءات استباقية ويبدو أن النظام الحالي في الجزائر يعي حالة السخط التي يعيشها الشارع، والتي انعكست على الإقبال في الانتخابات التشريعية الأخيرة. وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أُجري استفتاء على تعديلات دستورية في الجزائر، وكانت نسبة الإقبال فيه ضعيفة للغاية. والانتخابات التي جاء بموجبها تبون نفسه لم تكن أفضل حالا، ففي ديسمبر/ كانون الأول 2019، انتُخب تبون رئيسا وسط احتجاجات تطالب برحيل النخبة الحاكمة بأكملها، وقاطع كثيرون عملية التصويت باعتبارها غير عادلة وغير شفافة، إذ لم تتعد نسبة المشاركة 39 في المئة. وتعاني الجزائر كذلك من ضغوط اقتصادية كبيرة بسبب تراجع عائدات النفط، الأمر الذي دفع الحكومة لتقليل الإنفاق والاستثمارات. واعتُبرت هذه هزة أخرى لرئاسة تبون، الذي وعد بإصلاحات اقتصادية في البلاد. ودفعت هذه الأجواء الرئيس تبون إلى اتخاذ عدد من الإجراءات الاستباقية لامتصاص حالة الغضب، إذ أعلن الأسبوع الماضي في خطاب بثه التليفزيون الجزائري العفو عن حوالي 60 شخصا ممن اعتُقلوا في الاحتجاجات التي أطاحت بسلفه. كما أُفرج عن العشرات من النشطاء المنتمين للحراك. وأعلن تبون كذلك حل المجلس الشعبي الوطني (مجلس النواب) قبل اكتمال دورته وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، تماشيا مع ما نصت عليه التعديلات الدستورية التي أُقرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. كما شملت الخطوات الاستباقية هذه دعوة عدد من الأحزاب للقصر الرئاسي للتشاور بشأن الانتخابات التشريعية المقبلة والمناخ السياسي في البلاد. وكان من بين الأحزاب المدعوة حزب جبهة القوى الاشتراكية المعارض، الذي طالب الرئيس بإجراء تغييرات سياسية حقيقة تعيد ثقة الجزائريين في الحكومة. ورفضت أحزاب معارضة أخرى دعوة الرئيس، من بينها حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية. وترى هذه الأحزاب أن الشارع الجزائري يريد تغيير النظام السياسي بالكامل، وليس مجرد الحديث عن انتخابات تشريعية. لكن يبدو أن هذه الخطوات الاستباقية لم تنجح بشكلٍ كافٍ في احتواء حالة الغضب، وخرج المحتجون في الذكرى الثانية للحراك "لا للاحتفال، إنما للمطالبة برحيلكم" كما جاء في إحدى الهتافات. برأيكم: هل استعاد حراك الجزائر زخمه بعد عامين على انطلاقه؟ ما المكاسب التي حققها الحراك خلال العامين الماضيين؟ كيف ترون الإجراءات التي أعلن عنها الرئيس تبون؟ هل بإمكان النظام الحالي تحقيق إصلاحات تنجح في احتواء المحتجين الغاضبين؟ ما الخطوات اللازمة برأيكم لتحسين المناخ السياسي في الجزائر؟ ما تأثير الضغوط الاقتصادية وأزمة كورونا على الحراك وفرص نجاحه؟ سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الأربعاء 24 فبراير/شباط. خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989. يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على فيسبوك من خلال رسالة خاصة. كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها https://www.facebook.com/hewarbbc أو عبر حسابنا على تويتر nuqtat.hewar@ ويمكن مشاهدة حلقات البرنامج من قائمتنا على موقع يوتيوب.

شاهد أيضا

التعليقات مغلقة.