من البرتغال إلى إسبانيا.. كيف سقطت سبتة ومليلة تحت الاحتلال؟

الايام 24 + وكالات

عاد نقاش مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين للظهور بعد تصريحات رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، التي أغضبت إسبانيا ودفعتها لاستدعاء سفيرة الرباط في مدريد، دجنبر الماضي.

ومنذ سنوات، تفشل مدريد في إخفاء إنفعالها كلما تعلق الأمر بفتح ملف سبتة ومليلية أو عندما يتحدث المسؤولون المغاربة عن ضرورة إعادة النقاش في هذه القضية، وهي تعرف أن المغاربة قاطبة لا يزالون يعتبرون هاتين المدينتين محتلتين. وتعتبر الصحافة الإسبانية أنها من بين القضايا التي تحول دون قيام علاقات دبلوماسية “غير مشروطة” بين إسبانيا والمغرب رغم العلاقة التاريخية بين البلدين.

وتخضع سبتة ومليلية منذ القرنين الـ16 والـ17 على التوالي إلى السيادة الإسبانية في إطار الحكم الذتي، رغم اعتراف إسبانيا باستقلال المغرب سنة 1956، ويقطن بهما عدد كبير من المسلمين، كما أن المدينتين أعلنتا منذ سنة 2010، عيد الأضحى عطلة رسمية لإرضاء السكان المحليين، وهي المرة الأولى التي يتم فيها الاحتفال رسميًا بعيد ديني غير مسيحي في إسبانيا.

 

قصة سقوط سبتة

 

في الـ21 غشت من العام 1415، قاد ملك البرتغال، جون الأول، معركة ستُعرف لاحقا باسم “فتح سبتة”.

قرر الملك البرتغالي مداهمة سبتة، التي كانت تحت حكم مملكة فاس، فأخذ معه أبناءه وقواتهم العسكرية – التي ضمت 45 ألف رجل – على متن 200 سفينة. وبحلول الليل، هجم البرتغاليون الحراس واستولوا على المدينة. وفي المحصلة، لم تتجاوز خسائرهم ثماني ضحايا.

في اليوم الموالي، رفع البرتغاليون علم لشبونة في المدينة، وأضافوا إليه “شعار النبالة” البرتغالي الذي لا يزال إلى اليوم ضمن علم سبتة، وعيّنوا، بيدرو دي مينيزيس، أول حاكم للمستعمرة الجديدة.

وفي عهد دوارتي الأول، ابن الملك جون الأول، أصبحت سبتة عبئا ماليا، إذ بدأت تستنزف الخزينة البرتغالية بدلا من أن تدر عليهم الأرباح، لكن الملك أصر على التواجد في المنطقة.

تبيّن للبرتغاليين لاحقا أن لا فائدة لسبتة إن لم يسيطروا على مدينة طنجة، التي كانت معبرا تجاريا هاما. وفي العام 1437، دفع شقيقا الملك دوارتي – هنري وفرناندو- الجيش إلى شن هجوم على السلطنة المرينية لإخضاع مدينة طنجة، لكن النتائج كانت كارثية.

فقد إذ انهزم البرتغاليون، ما دفعهم إلى توقيع معاهدة صلح وعد فيها هنري بإعادة سبتة للمرينيين. ومن أجل توثيق هذا الوعد، أبقى أخاه فرناندو رهينة لدى المغاربة مقابل أن يسمحوا لجيشه بالمغادرة دون مضايقات. بعد أن وصل إلى البرتغال، نكث بوعده وقرر التخلي عن أخيه فرناندو، الذي بقي في الأسر في فاس حتى مات سنة 1443.

بقيت سبتة بعد هذه الواقعة تحت سيادة البرتغال لمدة 43 عاما قبل أن يتم تعزيز موقعها بعد استيلاء البرتغاليين على القصر الصغير سنة 1458، وأصيلا وطنجة عام 1471.

في العام 1578، توفي ملك البرتغال، سيباستيان الأول، في معركة وادي المخازن، فتولى عمه الكاردينال هنري الحكم، لكنه توفي بعد عامين فقط، وأدت أزمة الخلافة البرتغالية هذه إلى وصول فيليب الثاني – عم سيباستيان وملك إسبانيا – إلى عرش مملكة البرتغال.

تم تتويج فيليب تحت اسم “فيليب الأول” ملكا على البرتغال سنة 1581، وسارع إلى توحيد مملكة إسبانيا والبرتغال وأطلق على الإمبراطورية الجديدة “الاتحاد الإيبيري”. وخلال هذه المرحلة، التي استمرت 60 عاما، تم دمج المستعمرات البرتغالية في إسبانيا، وأصبحت مدينة سبتة مأهولة بالإسبان.

في 1640، أعلنت البرتغال استقلالها، لكن سبتة بقيت تحت سيادة إسبانيا، وفي العام 1668 تنازل الملك البرتغالي، ألفونسو السادس، عن المدينة لصالح ملك إسبانيا، كارلوس الثاني، بموجب معاهدة لشبونة.

لاحقا، ستتعرض المدينة لحصار طويل من طرف المغرب في محاولة لاسترجاعها. ففي العام 1694، حاصر سلطان المغرب مولاي إسماعيل المدينة إلى حدود العام 1727، ما أدى إلى اندلاع الحرب المغربية الإسبانية.

 

سقوط مليلية

 

مدينة مليلية من بين المناطق التي يرفض المغرب الاعتراف بشرعية انتمائها لإسبانيا إلى حد الآن. ففي سنة 1961، طالب المغرب رسميا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إسبانيا بالتخلي عن هذه المدينة.

وبين الفينة والأخرى تظهر على السطح توترات دبلوماسية بين البلدين بسبب تصريحات أو تحركات عسكرية حول المنطقة.

ففي سنة 2002، توترت العلاقات بين مدريد والرباط بعد أن أقام مجموعة من الجنود المغاربة معسكرا في جزيرة ليلى التي تسيطر عليها إسبانيا، على بعد 200 متر من ساحل البر الرئيسي للمغرب، قبل أن يتم طردهم بالقوة من قبل البحرية الإسبانية، في اشتباك أدى إلى تدخل دولي لتهدئة الأوضاع.

ويعود تاريخ سقوط مليلية إلى القرن الخامس عشر، وبالضبط في سبتمبر من العام 1497، أي بعد سقوط إمارة غرناطة بسنوات قليلة.

فبعد انتهاء الملوك الكاثوليك من استعادة غرناطة، بدأ سكرتير الدولة الإسباني، هيرناندو دي زافرا، بجمع المعلومات حول المناطق الواقعة على طول البحر الأبيض المتوسط، والحالة المتردية لساحل شمال أفريقيا بنيّة التوسع فيها. وفي هذا الإطار، قام بإرسال جواسيس وعملاء ميدانيين لاستطلاع أحوال مليلية.

وكانت هذه المدينة في الأصل تقع على الحدود بين مملكة فاس ومملكة تلمسان. وقد أدى التناحر بين هاتين المملكتين إلى تأزم الوضع في المدينة، وبحلول عام 1494، طرد السكان المحليون سلطان فاس وجردوه من سلطته.

استغل الإسبان الفوضى التي دبت داخل مملكة فاس وبتأييد من إيزابيلا، ملكة قشتالة، وفرديناند، ملك أراغون، تم احتلال مليلية في الـ17 من سبتمبر 1497 بسلاسة ودون أي عنف.

استمرت المقاومة المغربية لاسترجاع مليلية في مناسبات عدة. ففي أواخر القرن الـ17، حاول السلطان العلوي إسماعيل بن شريف استعادة المدينة، وأخذ الحصون الخارجية التي تحميها، لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق