المحجوب الطوبجي..الكومندار الذي نقى جبال “الوركزيز” من عناصر البوليساريو

يعتبر الكومندار المحجوب الطوبجي مؤلف الكتاب المثير للجدل “ضباط صاحب الجلالة”، الذي صدر في فرنسا في أكتوبر 2006، من أقرب المقربين من الجنرال أحمد الدليمي وهو ما جر عليه الكثير من الويلات المشاكل، ولم تشفع له لا بطولاته و لا تضحياته في حروب الصحراء.

اشتهر الطوبجي في المعارك التي قادها بداية من سنة 1980 لتنقية جبال “الوركزيز” من عناصر البوليساريو التي كانت مدعومة من طرف الجيش الجزائري، وهذه المعارك كانت مكلفة جدا بالنسبة للجيش المغربي، سواء على مستوى العتاد أو على مستوى الخسائر البشرية أيضا.

قاد الطوبجي في تلك المعارك 6 آلاف عنصر من الجنود ممن وقع عليهم الاختيار لتنقية جبال “وركزيز” من عناصر البوليساريو التي كانت تتخذ منها قواعد خلفية لحصار مدينة الزاك.

كانت هذه الفرقة التي تعرف بالراجمة تتألف من فرقتين واحدة للمشاة وفرقة للمدرعات. أكثر من 90 بالمائة من عناصرها لم يمر على التحاقهم بصفوف الجندية سوى 6 أشهر وكانوا حديثي العهد بحمل السلاح، كما كانوا ينعتون بـ “الباجدة”. كان ذلك في شهر دحنبر من سنة 1980، حيث التحق الضابط الطوبجي بدوره حديثا بالقوات المسلحة الملكية وكان تحت إمرة الجنرال القوي أحمد الدليمي ومن بين المقربين منه.

قاد الطوبجي هذه الفرقة مدة شهرين، وأخضع عناصرها للتدريب على الرمي بأسلحة الكلاشينكوف من عيار 14.5 و 23 ملمتر تحت إشراف ضباط وضباط صف.

كانت المهمة التي كلفت بها هذه الفرقة هي رفع الحصار الذي ضربته عناصر البوليساريو على مدينة الزاك والذي دام زهاء 3 أشهر، وكان تسليح عناصر البوليساريو تسليحا جيدا مدججين بأسلحة متطورة دهشت عناصر هذه الفرقة حينما ووجهوا بها.

استعان القائد الميداني في هذه المعركة المحجوب الطوبجي بمرشدين من قبائل البيهات والركيبات من أجل معرفة الطرق، وكان الطوبجي دائما في طليعة هذه الفرقة يسوق سيارته “روندروفر”، جميع عناصره تذكر خصاله وشجاعته وبطولته.

في هذه المعارك حقق الكومندار الطوبجي انتصارات ساحقة، زادت من قربه من الجنرال الدليمي، رغم المقاومة الشرسة التي تلقوها من جنود “البوليساريو” الذين كان يقودهم إبراهيم غالي (زعيم الجبهة حاليا) في الطرف الآخر.

كانت معارك “الوركزيز” من أشهر المعارك التي قادها الكومندار الطوبجي، كانت في مارس 1980، وبعدها سيصبح من الأصدقاء المقربين من الجنرال أحمد الدليمي، إلى درجة أنه رافقه في زيارة لفرنسا مطلع العام 1983، حينها استغل الطوبجي حضوره بباريس و أجرى فحوصات طبية لدى طبيب عيون… بعد إجراء الفحوص حدد البروفسور للكومندار موعدا لاحقا، لكن وفاة الدليمي بعد عودته إلى المغرب لم تسعفه في احترام الموعد المتفق عليه مع الطبيب الفرنسي، حيث سيتم هو بدوره اعتقاله بسبب قربه من الدليمي الذي كان متهما بالتخطيط لانقلاب عسكري، بينما يرى الطوبجي أن الدليمي ليس في حاجة إلى انقلاب ليحكم، لأنه في الحقيقة هو يحكم.

يحكي الكومندار الطوبجي واقعة اعتقاله في كتابه “ضباط صاحب الجلالة” و يقول: “… على الساعة السابعة و النصف من صبيحة يوم 9 مارس 1983 تلقيت اتصالا هاتفيا من أحد الأفراد العاملين في القصر الملكي يدعى أفروخ، وطلب لقائي على وجه الاستعجال”، حضر أفروخ إلى منزل الطوبجي و أبلغه بضرورة مرافقته لأن الملك طلب لقاءه.

بعدما وصل الطوبجي إلى فاس لم يتلق الملك ونقل بطائرة مروحية إلى الرباط و بالضبط إلى القيادة العليا للدرك الملكي … ويضيف الطوبجي: “هناك طلب مني ضابط الحراسة حزامي وربطة عنقي فأيقنت آنذاك أن لقاء الملك تحول إلى اعتقال”.

في أحد الأيام غادر الطوبجي قبو الاعتقال ووجد نفسه في قاعة أمام وزير الداخلية إدريس البصري و القائد العام للدرك الملكي حسني بنسليمان، “سألاني وحققا معي حول علاقتي بالدليمي ومدى علمي بتفاصيل عمله، لكنني لم أكن على بينة مما كانوا يبحثون عنه.. وعدني بنسليمان أن كل شيء سينتهي قريبا”.

أمضى الطوبجي قرابة سنة من الاعتقال و لم تتحقق وعود حسني بنسليمان، فقرر حفر ثقب في حائط مكان الاعتقال وفر منه يوم 6 شتنبر 1983، ليهرب إلى جنوب إسبانيا ثم إلى باريس.

و بعد وصوله إلى باريس سيمارس الطوبجي ضغطا إعلاميا على المغرب في إطار بحثه عن ضمانات للرجوع من خلال جريدة “لوموند”، وسيتواصل هاتفيا مع وزير الداخلية إدريس البصري الذي بعث له وسيطين.. وبعد نضال عسير سيلتقي الطوبجي بالملك الحسن الثاني في مقر إقامته بحضور المديوري و الجنرال القادري. ويقول مؤلف كتاب “ضباط صاحب الجلالة” أن الحسن الثاني خاطبه قائلا: “.. تركت نفسك تحت تأثير التيار.. بعد هنيهة أجبته الله يبارك فعمر سيدي، وهذا يعني أنه ليس لدي ما أقوله للحسن الثاني”.

ويتابع: “التفت الملك صوب القادري و أوصاه بي خيرا وتوجه إلي قائلا: إذا سألك أحد أين كنت طيلة هذه الفترة، عليك أن تجيب أنك كنت مريضا و أرسلتك للخارج للعلاج”.
على إثر هذا اللقاء عاد المحجوب الطوبجي إلى المغرب في 17 دجنبر 1985.

مقالات مرتبطة :
تعليقات الزوار
  1. الكولونيل الغجدامي هووو البطل هو و عبد السلام العبيدي

اترك تعليق