الغجدامي..”ثعلب الصحراء” قائد الانتصار في معركة “بئر انزران”

في ظل هذه الحروب الطاحنة التي خاضها المغرب فوق رمال الصحراء، لم تسلط الأضواء بشكل كبير على أبطال هذه الحرب، وربما يكون الاعلام المغربي متهما بـ “التقصير” في هذا الجانب، وربما المؤسسة العسكرية البكماء ساهمت بدورها في ذلك، خاصة أن الاعلام الفرنسي كان سباقا في أكثر من مرة ليسلط الضوء على بطولات بعض العسكريين المغاربة، و كانت على الخصوص مجلة “باري ماتش” تدرج في سياق حديثها عن بطولات ومعارك الجيش الملكي المغربي ضد البوليساريو أسماء ضباط استبسلوا في دفاعهم عن الوطن، وخاصة لما تحدثت بإسهاب عن معركة “بئر إنزران”، التي حصلت في 14 غشت 1979، و التي أفرزت بطلا من الأبطال العظام، ممن سيتغنى بهم الإعلام، لكن مع الأسف بعد وفاته، وهو الكولونيل محمد الغجدامي.

“ثعلب الصحراء”، هو الاسم الذي سيطلقه المراسل الحربي لمجلة “باري ماتش” الفرنسية على محمد الغجدامي، عقب الانتصار الباهر الذي حققه فيلقه العسكري على نحو 3000 من مقاتلي ميليشيات “البوليساريو” في خريف العام 1979 في معركة “بئر إنزران” الشهيرة. و ينحدر هذا الغجدامي، وهو أحد الضباط الذين تلقوا تكوينهم العسكري بالجارة الشمالية للمغرب، إسبانيا، فوج محمد الخامس 1955 – 1956 من مدينة العرائش، حيث شارك في جميع معارك الصحراء التي خاضها الملك الراحل الحسن الثاني عقب المحاولتين الانقلابيتين الفاشلتين لسنتي 1971 و 1972.

كان الغجدامي، بسبب فتوحاته العسكرية في الصحراء، يحظى بإعجاب الملك الراحل الحسن الثاني، إلى درجة أن انتصاراته سببت له غيرة من طرف رئيسه المباشر الجنرال أحمد الدليمي، فرغم أن البعض كان يصفه بيده اليمنى، إلا أن الدليمي عارض مقترح أن يتم ترقية الغجدامي من رتبة كولونيل إلى جنرال، وهو ما حز في خاطر ابن مدينة العرائش الذي قضى عقودا من الزمن مدافعا عن وطنه في غيابه الصحراء القاحلة.

في كتاب “ضباط صاحب الجلالة” للكومندار المحجوب الطوبجي، الذي شارك بدوره في حروب الصحراء، فالغجدامي لم يكن سوى “بطل اختلقه الدليمي لحاجة في نفسه”، لكن بالنسبة لعدد من الضباط الآخرين و الجنود الذين شاركوا مع الغجدامي في حروبه فهم يرون عكس ذلك، و يستحضر أحدهم ممن كان ملازما له عقب تكليفه سنة 1977 بحراسة منطقة تيفاريتي، وهي منطقة فك الاشتباك بين القوات المسلحة الملكية وعناصر البوليساريو حين التوقيع على وقف إطلاق النار سنة 1991، قبل أن تخرق البوليساريو هذا الاتفاق وتنظم فيها أحد مؤتمراتها سنة 2006، “أن الغجدامي كان يتميز بخصال الشجاعة والإقدام، وعند أي هجوم يشنه مقاتلو البوليساريو كان دائما في طليعة المتصدين للهجوم، وكان يشرف شخصيا على إزالة الألغام التي يضعها هؤلاء المقاتلون لمنع تقدم الجنود المغاربة وتعقبهم. وحينما يشتد القصف على المعسكر الذي تتواجد فيه الوحدات المغربية كان الغجدامي يستنفر جميع العاملين معه قصد الصمود وعدم تغيير مواقعهم”.

في سنة 1983 توفي الجنرال الدلمي، وقبل ذلك تمت إقالته من منصبه في قيادة المنطقة الجنوبية، بسبب تواتر أخبار وتقارير استخباراتية داخلية وخارجية كانت تقول أن الدليمي كان يعد لانقلاب للإطاحة بالحسن الثاني كما فعل قبله الجنرال أوفقير و المذبوح، و ستسند بعد ذلك قيادة المنطقة الجنوبية للجنرال عبد العزيز بناني، الذي عينه الحسن الثاني، وأول ما سيبدأ به عملية غربلة وتصفية للضباط المحسوبين على الجنرال الدليمي، وفي طليعتهم الكولونيل الغجدامي.

ويقال إن الغجدامي الذي نسجت حوله البطولات و الأساطير، و أصبح محبوبا من طرف الحسن الثاني، ذهب ضحية نجوميته، بسبب الضربات التي كان يتلقاها من طرف زملائه من ضباط الحرب الذين كانوا يشون به لدى قيادة الأركان، كما ذهب أيضا ضحية المؤامرات و التقارير العسكرية الاستخباراتية المدسوسة التي كانت تصفه بأنه “اليد اليمنى للجنرال الدليمي”، الذي أصبح قبل وفاته “الغريبة” يشكل تهديدا للدولة و القصر بسبب اتصالاته الخارجية.

تغلب الغجدامي في أكثر من معركة على “البوليساريو”، غير أنه في آخر حياته لم يستطع أن ينتصر على “النسيان” على غرار مجموعة من أبطال حروب الصحراء. وفي العام 2003 مات في أحضان النسيان بسبب مرض “القولون”، من دون أن يغادر حياة العزوبية، وهو يسكن شقة متواضعة في منطقة “الرينكون” قرب مدينة تطوان، وكأنه لم يكن الرجل الذي كبد جبهة “البوليساريو” أكثر من خسارة، تبقى أشهرها معركة “بئر إنزران”، من دون أن تنشر لا وكالة المغرب العربي للأنباء و لا التلفزيون الرسمي و لا أي جريدة رسمية خبر وفاته.

مقالات مرتبطة :
تعليقات الزوار
  1. عبد

    نحن المدنيون الذين كانوا في الاقاليم الجنوبية ابان الحرب. كنا نسمع ببطولات 6 RIM وعلى راسها الغجدامي. نعم بطل بمعنى الكلمة.

  2. foxtrot

    قراءت عن هدا البطل كونوليل الخجدامى كنت اتابع بطولاته فى اسبوعية jeune afrique ابان حرب الصحراء 76 الى 91 كان بطل مغوار كان مرتزقةالجزاءر يهابونه وزيدعليهم الكولونيل العابدى رحمهم الله واسكنهم فسيح جنانه ولا عزاء للخونة

  3. محمد بوستة الادريسي

    نحن دائما ابطال في تشويه ابطالنا والغدر بهم. ونسيان الذاكرة. هذا عيب وعار. اسم الغجدامي مفخرة ووسام تركه لنا هذا البطل على صدور جميع المغاربة الشرفاء. اسم الغجداني كانت ترتعد منهه الجبهة الانفصالية. اسم هذا البطل يجب ان يعطى لارقى شوارعنا ضدا في الانفصليين.
    اللهم اشمل الغجدامي برحمتك الواسعة

  4. Viva el colonel ghojdami que dios te bendiga

اترك تعليق