قضى 56 عاما في المنفى: حكاية آخر السلاطين العرب في افريقيا

جمشيد بن عبد الله
Getty Images
بعد 56 عاما قضاها في المنفى وتحديدا في بريطانيا، غادر جمشيد بن عبد الله آل سعيد سلطان زنجبار السابق، آخر سلاطين زنجبار من آل بوسيعد والبالغ من العمر 91 عاما، إلى سلطنة عمان. فقد وصل الرجل الذي حكم زنجبار، وهي أرخبيل صغير في المحيط الهندي، حتى الإطاحة به في ثورة دموية في يناير/كانون الثاني عام 1964 إلى مسقط مؤخرا. وتقول صحيفة الغارديان إن الحكومة العمانية رفضت طلبات سابقة عديدة من السلطان السابق للسماح له بالتوجه إلى السلطنة. حكاية أميرة عربية وقعت في حب شاب أوروبي وهربت من أجله أحد طرفيها سلطان عربي: تعرف على أقصر حرب في التاريخ تعرف على الأرخبيل الأفريقي الذي اعتقل فيه 20 شخصا بتهمة المثلية وكان تابعا لسلطنة عمان لكن أحد أفراد أسرته في مسقط قال لصحيفة ذي ناشيونال التي تتخذ من أبوظبي مقرا لها إن طلبه للتقاعد في عمان قد تمت الموافقة عليه الآن بسبب سنه. وأضاف قائلا: "لقد أراد دائما أن يقضي أيامه الأخيرة في بلد أسلافه والآن هو سعيد لأنه قادر على فعل ذلك". ورفض مسؤول حكومي التعليق، بحسب الغارديان.

الاستقلال وثورة دموية

ولد جمشيد بن عبد الله في 16 سبتمبر/أيلول عام 1929، وأصبح سلطانا على زنجبار بعد وفاة والده عبد الله بن خليفة في يوليو/تموز عام 1963. وفي ديسمبر/كانون الأول عام 1963 تم منح تلك الجزر الواقعة على بعد 22 ميلا قبالة ساحل تنزانيا الاستقلال عن بريطانيا. وبعد شهر واحد فقط أي في يناير/كانون الثاني عام 1964 أطاحت الأغلبية الأفريقية بحكم النخبة العربية في ثورة يسارية جارفة ودموية. وتقول دائرة المعارف البريطانية إنه على الرغم من أن الثورة قام بها حوالي 600 رجل مسلح فقط تحت قيادة القائد الشيوعي جون أوكيلو إلا أنها حظيت بدعم كبير من السكان الأفارقة.
جون أوكيلو
Getty Images
جون أوكيلو الذي قاد الثورة ضد جمشيد
وقد تعرض الآلاف من العرب لمذابح في أعمال شغب وفر الآلاف من الأرخبيل الذي أصبح جمهورية زنجبار وبيمبا الشعبية. وعلى أثر ذلك، وقع رئيسا زنجبار وتنجنيقا (في القارة الأفريقية) اتحادا باسم تنزانيا تتمتع فيه زنجبار بشبه حكم ذاتي.

المنفى

وكان خمشيد بن عبد الله قد فر من زنجبار على متن يخت ملكي بعد استيلاء المتمردين على قصره. وبعد رفض السماح له بالاستقرار في عمان، سافر إلى بريطانيا مع حاشية مكونة من 61 من الأقارب والأصدقاء والمعاونين. وبعد ذلك بأسبوعين، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الوضع المالي للسلطان اضطره للانتقال من فندقه الفاخر القريب من قصر باكنغهام إلى فندق متواضع في منطقة بايزووتر.
جمشيد وزوجته الشيخة أنيسة والأبناء عام 1964 في لندن
Getty Images
جمشيد وزوجته الشيخة أنيسة والأبناء عام 1964 في لندن
وذكرت الصحيفة أنه في مايو/آيار عام 1964 دفعت الحكومة البريطانية مبلغ مئة ألف جنيه إسترليني للسلطان السابق. وقد سمح له ذلك المبلغ بالاستقرار في منزل شبه منفصل في شارع هادئ في ساوثسي بهامبشاير حيث كان التناقض مع شواطئ زنجبار البيضاء والمياه الكريستالية مذهلا، وربما مؤلما بعض الشيء. وفي عام 2000 أصدر رئيس زنجبار السابق سالمين عمور عفوا عن خمشيد بن عبد الله. وقال عمور حينئذ إن خمشيد حر في العودة إلى زنجبار ولكن ليس كسلطان وإنما كمواطن. وعلى مدى 56 عاما عاشها في المنتجع الساحلي في المملكة المتحدة، لم يلفت السلطان انتباها كبيرا.
جمشيد بن عبد الله
Getty Images
وقال الكاتب نيد دونوفان،الذي تابع قصة السلطان: "لم أجد أي شخص محلي يعرف أنه كان هناك، لم يتحدث أبدا إلى الصحافة، لقد عاش منزويا للغاية ".

ما هي زنجبار وما علاقتها بعمان؟

يقع أرخبيل زنجبار في المحيط الهندي قبالة الساحل الشرقي للقارة الأفريقية، ويرتبط هذا الأرخبيل الذي يتمتع بشبه حكم ذاتي باتحاد سياسي مع تنزانيا، ولكن له رئيسه وبرلمانه. وتعرض هذا الأرخبيل، الذي كان مركزا لتجارة التوابل والعبيد، لتأثيرات أفريقية وعربية وأوروبية وهندية. واسمها بالعربية يعني بر الزنج، لكن اسمها باللغة السواحيلية :أنغوجا، أما "زنزبار" فهو اسمها الذي يطلق عليها الأجانب، والذي اصطلح عليه سكانها بعد سقوط الحكم العربي فيها عام 1964. وسكان زنجبار مزيج من الأفارقة والإيرانيين والعرب من أصول عمانية ويمنية وكذلك آسيويين من الهند وباكستان ومن جزر القمر ومدغشقر وسيشيل في المحيط الهندي. ومعظم السكان مسلمون ويشكلون نسبة 98 في المئة.
زنجبار
BBC
وتسمى زنجبار بجزيرة القرنفل، اذ يوجد فيها الملايين من أشجار القرنفل. وتقول دائرة المعارف البريطانية إنه عندما استولى العرب (العمانيون) على مومباسا من البرتغاليين في عام 1698أصبحت زنجبار وبيمبا تابعة للحكام العرب في عمان، ولأكثر من قرن تركوا حكم زنجبار لحكام محليين. وكان أول سلطان يقيم في زنجبار هو سعيد بن سلطان، الذي استقر هناك بعد عدة زيارات قصيرة بعد عام 1830، ثم وسع نفوذه إلى حد كبير على طول ساحل شرق إفريقيا. وبعد وفاته عام 1856 انقسمت السلطنة بين ولديه إلى سلطنتين إحداهما في عمان والأخرى في زنجبار، وتحولت الأخيرة إلى محمية بريطانية بعد وفاة السلطان برغش بن سعيد. ويحكم الرئيس علي محمد شين حاليا سكان زنجبار البالغ عددهم 1.3 مليون مسلم، والتي أصبحت بلادهم الآن منطقة ذات حكم شبه ذاتي في تنزانيا. وانتقدت منظمات حقوق الإنسان تجريم الدولة للرجال المثليين الذين يواجهون عقوبة تصل إلى 25 عاما في السجن.
زنجبار
Getty Images
قصر السلطان في زنجبار
وقد افتتح مؤخرا متحف مخصص للمغني فريدي ميركوري، الذي ولد باسم فاروخ بولسارا في ستون تاون الحي التاريخي لعاصمة زنجبار، والذي توفي بسبب مرض الإيدز في عام 1991. وكانت عائلة ميركوري قد انتقلت إلى بريطانيا بعد أحداث عام 1964.

شاهد أيضا

التعليقات مغلقة.