مسار عالمة مغربية في المختبر الذي صنع أول قنبلة ذرية في التاريخ

نجحت العالمة المغربية في الفيزياء النووية كوثر حفيظي، في تخطي كل العقبات لتحقق حلمها، منذ صغرها، وهو أن تصبح عالمة فيزيائية. والتي تشغل اليوم منصبا قياديا في مختبر “آركون” الأمريكي، و التي تعتبر في هذا المختبر الذي أنشأ في العام 1945 ليصنع القنبلة الذرية الذي قصفت بها أمريكا مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين، (تعتبر) رقم 2 بصفتها مديرة شريكة للمدير العام لمختبر “أركون” العملاق، وهي أول امرأة تشغل هذا المنصب.

تُحَدّثُنَا العالمة كوثر حفيظي في الجزء الرابع من حوارها مع “الأيام” عن اشتغالها في واحد من أكبر المختبرات التابع لوزارة الطاقة الأمريكية وتحولها إلى ركيزة أساسية في إدارته.

+ بعد هجرتك إلى أمريكا اشتغلت في واحد من أكبر المختبرات التابع لوزارة الطاقة الأمريكية. أنت اليوم من أبرز ركائزه الأساسية، و تشغلين رقم 2 في هذا المختبر التابع لوزارة الطاقة الأمريكية، علما أن هذا المختبر هو الذي صنع أول قنبلة ذرية في أمريكا والعالم في أربعينيات القرن الماضي. حدثينا قليلا عن هذا المختبر قبل أن نتعمق في النقاش ؟

مر على تأسيس مختبر أركون 75 سنة، بمعنى أنه تم تأسيسه في العام 1945، وهذا المختبر هو الأول على مستوى أمريكا، قبل أن يتم تأسيس مختبرات أخرى مشابهة وصل اليوم عددها في بلاد العام سام إلى 17 مختبرا.

هذا المختبر كان سريا في البداية بدأه عالم إيطالي معروف إبان الحرب العالمية الثانية، و كان برفقته فريق بحث كبير من جامعة شيكاغو، اشتغلوا على تطوير القنبلة النووية من الناحية النظرية، و بعد ذلك انتقلوا إلى صحراء في منطقة “نيو مكسيكو” ليبدوؤا التجارب النووية حتى قاموا بتطوير القنبلة الدرية في العان 1945 فوقع ما وقع.

منذ 75 سنة كان معهد أركون يحتضن جميع البحوث منها النظرية، و أنا اليوم هي العالمة المسؤولة على جميع البحوث النظرية بهذا المختبر المتعلقة بالفيزياء و الكيمياء، كما أن هذا المختبر يضم أكبر جهاز كمبيوتر كما يضم مسرعات عملاقة، كما احتضننا مؤخرا مجموعة من الأبحاث التي لها علاقة بفيروس “كوفيد 19″، كما يقوم المختبر بتطوير أجهزة الـبطاريات و أبحاث أخرى في البيولوجيا، كما يوفر المختبر منشآت للقيام بالأبحاث لصالح الشركات والجامعات، أي أن المختبر يوفر على هؤلاء تكاليف إنشاء مختبرات عملاقة خاصة بهم. كما يعتبر المختبر بمثابة مركز هام لدراسة وتطوير وتقويم تكنولوجيات الطاقة. كما يلعب دوراً في تطوير حلول لمشاكل بيئية بعينها. يضاف إلى ما سبق، أن المختبر يساهم في الأمن القومي الأمريكي عبر تقديم خبرته فيما يتعلق بدورة الوقود النووي وتحليل النظم وتطوير معدات عالية الحساسية لرصد المخاطر الإشعاعية والكيميائية والحيوية، كما يطور البحث في الطاقة الكهربائية التي نصنعها عن طريق الطاقة النووية، علما أن ولاية شيكاغو التي أقطن بها تشتغل بـ 70 في المائة من طاقتها الكهربائية انطلاقا من الطاقة النووية.

+ أريد أن تحدثيننا عن مسارك الذي وصل إلى عقدين من الزمن في هذا المختبر العملاق. المغاربة عرفوك بشكل أكبر في العام 2017 عندما تم تعيينك مديرة لقسم الفيزياء بهذا المختبر قبل أن تصبحي اليوم رقم 2 في مختبر “أركون” ؟

التحقت بمختبر “أركون” مباشرة بعد حصولي على شهادة الدكتوراه، قضيت به ثلاث سنوات و بعد ذلك أصبحت باحثة رسمية، و بعدما قضيت به 5 سنوات أصبحت مساعدة لعالم فيزياء، و بعد ذلك أصبحت فيزيائية أنجز الأبحاث و أكتب الاصدارات ثم بعد ذلك أصبح لدي فريقي الخاص.

في العام 2010 بدأت تجربتي مع المختبر، و كنت كذلك أخصص جزءا من وقتي للدفاع عن حقوق المرأة في العلوم و التكنلوجيا، لأن المرأة تعاني في هذا المجال، ثم اشتغلت في وزارة الطاقة الأمريكية باعتباري خبيرة في العامين 2013 و 2014، فكنت على سبيل المثال أقضي ثلاث أسابيع في واشنطن ثم أعود لأسبوع إلى شيكاغو حيث أقيم، و لما عدت إلى “أركون” أصبحت مكلفة بالأبحاث الجديدة، حيث نستثمر بشكل سنوي حوالي 30 مليون دولار في الأبحاث الجديدة، في البداية نطرح الأفكار، و كل فكرة فهي جيدة لكن ليست هناك ضمانات أن جميع الأفكار ستكون ناجحة، و أنا من كنت مكلفة بهذه المهمة ما بين العامين 2015 و 2016، ثم انتقلت بعد ذلك لأصبح في العام 2017 رئيسة قسم الفيزياء، و هو قسم من بين 16 قسما آخر موجود في المختبر، وكنا نركز بالأساس على الفيزياء النووية، و كنت أول امرأة تصبح رئيسة قسم الفيزياء في مختبر أركون و أصغرهم سنا.

في العام 2018 فتح التباري حول منصب مدير شريك، فتم اختياري، بمعنى أنني اليوم شريكة للمدير العام لمختبر “أركون” في مهامه…

+ يمكن اعتبارك اليوم أنك رقم 2 في مختبر “أركون” ؟

نعم أنا رقم 2، و نحن بالمناسبة أربعة أشخاص نشغل منصب شريك المدير العام، كل واحد في مجال تخصصه، واحد منا مكلف بالكمبيوتر، و آخر مكلف بالأبحاث حول البيئة و المناخ، و آخر مكلف بجهاز يدرس الطاقة و آخر مكلف بالطاقة النووية، و آخر بالهندسة التطبيقية، أما أنا فمكلفة بالشق المتعلق بالعلوم، بما فيها بالقسم المتعلق بالفيزياء النووية التي كنت سابقة رئيسة لها، و القسم المتعلق بالاليات العلمية (Matériel science) وقسم الكيمياء و الهندسة و قسم النانو تكنولوجي وقسم الطاقات الكبرى و الكوسمولوجي (علم الكونيات).

+ أنتم بالمناسبة تشتغلون بالموازاة مع جامعة شيكاغو ؟
نحن كمختبر نقوم بالبحث العلمي بنسبة 100 في المائة، أما البحث العلمي داخل الجامعة فلا يتعدى 15 في المائة لأن دورهم الأساسي هو التدريس، كما أن هناك باحثين يدرسون في مجموعة من الجامعات و يشتغلون بالموازاة مع ذلك في مختبر “أركون”.

صحيح نقوم بشراكات مع مجموعة من الجامعات، بحكم أن مختلف الجامعات لا يتوفرون على الامكانيات التي نتوفر عليها نحن في المختبرات.

+ على ذكر الامكانيات التي تتوفرون عليها. قرأت بأن ميزانيتكم السنوية في مختبر أركون هي مليار دولار في السنة، و هذا رقم كبير جدا بالنسبة لمختبر ؟

الرقم أكبر من مليار دولار بشكل سنوي، و هذا رقم كبير، مع العلم أن الجامعات ليست لها مثل هذه الميزانيات المخصصة للبحث العلمي، و لذلك يلجأ عدد كبير من الأساتذة الباحثين في الجامعات الأمريكية إلى العمل عندنا في مختبر “أركون” بفعل الامكانيات التي نتوفر عليها.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق