سيرة عالمة فيزيائية..هكذا أقنعني الحسن الثاني بالخروج من المغرب للدراسة

  • حاورها: رضوان مبشور

نجحت العالمة المغربية في الفيزياء النووية كوثر حفيظي، في تخطي كل العقبات لتحقق حلمها، منذ صغرها، وهو أن تصبح عالمة فيزيائية. والتي تشغل اليوم منصبا قياديا في مختبر “آركون” الأمريكي، و التي تعتبر في هذا المختبر الذي أنشأ في العام 1945 ليصنع القنبلة الذرية الذي قصفت بها أمريكا مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين، (تعتبر) رقم 2 بصفتها مديرة شريكة للمدير العام لمختبر “أركون” العملاق، وهي أول امرأة تشغل هذا المنصب.

تُحَدّثُنَا العالمة كوثر حفيظي في الجزء الثاني من الحوار مغادرتها المغرب مكرهة بسبب خطاب ألقاه الملك الراحل الحسن الثاني أكد من خلاله أن المغرب لا يحتاج إلى علماء في الفيزياء النووية لتقرر مغادرة الرباط نحو باريس و هي تجهش بالبكاء.

+ في العام 1996 ستختارين الذهاب إلى فرنسا لمتابعة دراساتك العليا في الفيزياء. كيف اتخذت قرار الهجرة و لم تكملي دراساتك العليا في المغرب ؟

أنا مغربية حتى النخاع و أعتبر نفسي منتوج خالص للمغرب، وكان همي دائما أن أرى المغرب متطورا و أن أساهم في هذا التطور، علما أنني اخترت دراسة العلوم بعدما قال لي والدي أن “المغرب يحتاج إلى علماء”، و لذلك كان كل همي هو كيف يمكنني أن أدفع بالمغرب إلى الأمام.

عندما وصلت السنة الرابعة من التعليم الجامعي صادف ذلك إضرابات متعددة للطلبة الحاصلين على شهادة الدكتوراه، فقررت الدولة تشغيل المئات منهم في مختلف الوزارات، و حتى لا يتضاعف أعداد العاطلين الحاصلين على شهادة الدكتوراه قررت الدولة إغلاق السلك الثالث، وفي تلك الفترة كذلك أتذكر خطابا للراحل الحسن الثاني قال فيه “معندنا منديرو بالذكاترة في الفيزياء النووية”، علما أنني كنت أرغب في التخصص في الفيزياء النووية، فملك البلاد بنفسك يقول أن لا مستقبل لهذا التخصص في المغرب، و بما أن حلمي كان هو أن أصبح عالمة فيزيائية في الذرة فقد اتخذت قرار الذهاب إلى فرنسا لمتابعة دراستي.

رغم هذا القرار فالامكانيات المادية لم تكن تسعفني، رغم أن واحدة من عماتي، و اسمها أمينة حفيظي تقيم في إيطاليا كانت ترسل لي بعض الأموال و توصيني بأن أبعث ملفي إلى فرنسا و كندا لمتابعة دراستي هناك، و هكذا تم قبولي في جامعة باريس لمتابعة دراستي في السلك الثالث في تخصص الفيزياء النووية، لكن الذهاب لمتابعة الدراسة في فرنسا لم يكن بالشيء السهل و هذا حديث آخر.

+ ذهابك لمتابعة الدراسة في فرنسا في تخصص الفيزياء النووية كان فيه نوع من التحدي. على حد علمي فواحدة من عماتك باعت بعض مجوهراتها من الذهب حتى تتمكنين من الذهاب إلى فرنسا ؟

هذا صحيح. في السنة الرابعة من التعليم الجامعي حصلت على ميزة “حسن جدا”، و لم يحصل أن طالبا حصل على هذه الميزة في السنة الرابعة. طرقت جميع الأبواب في محاولة مني للحصول على منحة لمتابعة دراستي بالخارج، غير أنني لم أجد أي منحة، و هكذا قامت أصغر عماتي و اسمها عائشة حفيظي، و كانت طبيبة و أستاذة جامعية، (قامت) ببيع بعض مجوهراتها الذهبية (مضمة)، مؤكدة لي أنني سأعاد عائلتي إذا تمكنت من الهجرة ونجحت في حياتي، كما أكدت لي أنه حتى في حالة فشلي فتجربة الدراسة في فرنسا ستفتح لي آفاق أخرى و سأتعرف على ثقافة جديدة و سأصبح أكثر انفتاحا.

+ في تلك الفترة كنت متدينة بعض الشيء ؟
بل كنت متدينة بشكل كبير.

+ و كنت تفكرين في أن تصبحي محجبة و ترتدي الخمار ؟

كنت أفكر في الأمر، غير أن والدي رحمه الله رفض هذه المسألة، خاصة و أنه في تلك الفترة بدأ التدين في المجتمع المغربي ينتشر بشكل أكبر، لكن لازلت إلى حدود الساعة في علاقة بالدين، و هذه مسألة مهمة، و التدين هو أكبر مصدر للقوة.

+ بعد ذهابك إلى فرنسا سيتضح لك الفوارق الموجودة بين التعليم المغربي و الفرنسي

لما ذهبت إلى فرنسا وجدت اختلافا كبيرا، كانت الأسابيع الثلاثة لي في فرنسا سمحوا لنا لمدة ثلاث أسابيع بدخول المختبر و اكتشافه، تصور معي أنه لمدة يومين أو ثلاثة أيام لم أكن قادرة على لمس أي جهاز في المختبر، إلى درجة أن الأستاذ الفرنسي خاطبي بالقول “لا يمكنك أن تنظري فقط إلى الأشياء عليك أن تلمسيها بيدك”، كنت في الحقيقة خائفة من أن أتسبب في اتلاف جهاز ما، و هكذا عرفت أننا في المغرب لا نتوفر على التجهيزات الكافية في المختبرات، و يبدو أن الأمر مازال مستمرا إلى يومنا هذا، حيث أتواصل بين الفينة و الأخرى مع بعض الذكاترة في جامعة محمد الخامس بالرباط و يؤكدون الأمر.

ربما هناك بعض الاستثناءات على غرار جامعة محمد السادس ببن جرير التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط، ممن تواصلوا معي قبل مدة و طالبوا منا في معهد “أركون” حيث أشتغل الآن، و طلبوا منا أن نساعدهم في بعض التقنيات المتعلقة بتخزين الطاقة الشمسية. و رغم أن جامعة محمد السادس تشكل الاستثناء غير أنها لا يمكنها أن تتنافس مع جامعات في أمريكا أو في أوروبا.

صحيح أنني صدمت لما بدأت أقارن بين الجامعة المغربية و الفرنسية، غير أنني صدمت كذلك لما انتقلت إلى أمريكا و بدأت أقارن بين أمريكا و فرنسا، فأمريكا تتفوق بأميال على فرنسا التي لا يمكن لجامعاتها مجاراة الجامعات الأمريكية، و نفس الشيء على مستوى المختبرات، و لهذا السبب قررت البقاء بشكل نهائي في أمريكا.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق