محمد بوبوح لـ “الأيام 24”: غير قادرين على الالتزام بقرار الرفع من الحد الأدنى للأجور

*حاوره: رضوان مبشور 

 

في هذا الحوار يؤكد محمد بوبوح، رئيس الجمعية الوطنية للنسيج و الألبسة المنضوية تحت لواء الاتحاد العالم لمقاولات المغرب، أن المستثمرين في قطاع النسيج سيجدون صعوبات كبيرة جدا في الالتزام ببعض مخرجات الحوار الاجتماعي، الذي فرض على شركات القطاع الخاص، الرفع من الحد الأدنى للأجور بنسبة 10 في المائة، فإذا كانت الشركات قد التزمت في يوليوز 2019 بالرفع من “السميك” بنسبة 5 في المائة، فهي لن تستطيع -بحسبه- الالتزام بالشق الثاني من الاتفاق و الرفع بداية من يوليوز الجاري من الحد الأدنى للأجور بنسبة 5 في المائة، كما هو متفق عليه سابقا بين “الباطرونا” و الحكومة و النقابات.

لنتابع !

+ مع مطلع هذا الشهر تجدون أنفسكم مجبرين على الرفع من أجور العاملين المشتغلين في القطاع الخاص، بنسبة 5 في المائة، هل ستلتزمون بهذا الاتفاق الذي التزمتم به مع الحكومة و النقابات في وقت سابق، خاصة و أن الوضعية الاقتصادية لجميع المقاولات تمر من مرحلة صعبة نتيجة توقف النشاط الاقتصادي بسبب جائحة “كورونا” ؟

قطاع النسيج و الألبسة عاش صعوبات كبيرة في الفترة الأخيرة، صعوبات بدأت قبل تفشي فيروس “كورونا”، فعملنا كما هو معروف ينقسم على فترتين في السنة، هناك فترة البرد و الشتاء و فترة الصيف المتسمة بارتفاع درجة الحرارة، ما حدث خلال سنة 2019، أن فترة الانتقال من موسم الشتاء إلى موسم الصيف طال أمدها، و أغلبية الماركات العالمية كانت تتوفر على مخزون كبير من الألبسة وتطلب منهم الأمر وقتا كبيرا جدا لبيع هذا المخزون، وهذا فرض علينا في العام 2019 أن نبقى لمدة 3 إلى 4 أشهر بدون عمل تقريبا، و مع مطلع العام الجاري تفشى فيروس “كورونا”، فتوقف نشاطنا الاقتصادي بالكامل، فحتى زبنائنا سواء في الداخل أو في الخارج طلبوا منا أن نوقف طلبياتهم. في السابق كنا نوقف أنشطتنا بين الحين و الآخر، لكن في ظل فيروس “كورونا” توقفت أنشطتنا بالكامل و لمدة طويلة.

ما حدث كذلك هو أن زبنائنا و على وجه الخصوص في السوق الفرنسية و الاسبانية يعانون بدورهم من مجموعة من المشاكل، وهي مشاكل لم يعيشونها في السابق، كما أن البعض من زبنائنا معرضون للإفلاس، و البعض منهم مضطرون إلى اللجوء للقروض البنكية حتى يتجنبوا الافلاس، في الحقيقة يظهر لي أن الرؤية المستقبلية للقطاع ضبابية بشكل كبير و غير واضحة المعالم، لا أخفي أننا اليوم نواجه المجهول.

 

+ المستقبل ضبابي بالنسبة لمن ؟

المستقبل ضبابي بالدرجة الأولى لزبنائنا، أغلبهم يعيشون الآن وضعية مالية صعبة، و من المؤكد أن وضعيتهم الصعبة ستؤثر علينا نحن كذلك.

هناك أيضا مسألة أخرى مهمة، و هي أن أغلب الصالونات الدولية المتخصصة في عرض الألبسة تم إلغاؤها، و بالتالي فنحن كمصنعين لا يمكننا أن نلتقي في الصالونات مع زبناء جدد، و ما يزيد من صعوبة مهامنا أن الحدود الخارجية للمغرب ما زالت مغلقة، و الفضاء الجوي غير مفتوح، و لذلك فجهدنا الكبير اليوم منصب على المحافظة على مناصب الشغل الحالية و ألا نقوم بتسريح العاملين في الشركات. هذا يدل على أن جميع المؤشرات هي اليوم ضدنا، فكيف يطلب منا أن نرفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 5 في المائة، فهذا غير منطقي و غير معقول.

 

+ كانت لديكم التزامات مع الحكومة و النقابات بأن ترفعوا الأجور بنسبة 10 في المائة، 5 في المائة في بداية يوليوز 2019 و 5 في المائة المتبقية في بداية يوليوز الجاري. النقابات يمكن أن تتهمكم بأنكم تتملصون من التزاماتكم ؟

سيكون من الخطأ أن نرفع من الحد الأدنى في الأجور بنسبة 5 في المائة في هذه المرحلة، بحكم أن مالية الشركات توجد اليوم في حالة يرثى لها.

 

+ لكن يبدو أن أمامكم فرصة ذهبية، و هو ما يتعلق بالسوق الداخلي، خاصة و أنكم لن تواجهوا منافسة كبيرة مع الماركات العالمية في السوق الداخلي ؟

هناك ركود كبير في السوق الداخلي منذ بداية تفشي فيروس كورونا، مما يعني أننا نعاني خارجيا كما نعاني كذلك على مستوى السوق الداخلي. و لكل هذه الأسباب فمن الصعب جدا أن نلتزم بالرفع بنسبة 5 في المائة من الحد الأدنى للأجور في الظرفية الراهنة، أكثر من ذلك فنحن بدورنا نحتاج إلى مساعدة حتى لا نتعرض للإفلاس أو حتى لا نُسَرّح مستخدمينا.

إعادة التوازن لقطاع النسيج و الألبسة في ظل الظرفية الراهنة لن يحتاج إلى يوم أو يومين أو شهر أو شهرين، بل إلى فترة كبيرة قد تتجاوز السنة. في سنة 2020 سنحاول أن نسترجع أنفاسنا وننقد هذا القطاع من الانهيار، و هناك مجموعة من المؤشرات تصب في صالحنا، فعلى سبيل المثال نجد اليوم أن الدول الأوروبية فهموا بأن عليهم أن يتعاملوا بشكل أكبر مع دول حوض البحر الأبيض المتوسط، عوض استيراد كل حاجياتهم من آسيا.

 

+ البعض سيقول أنكم شرعتم في العمل من جديد و الكثير من الشركات سَرّحَت بشكل مؤقت غالبية عمالها ممن تلقوا دعم الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، كما أن الدولة منحت لكم مجموعة من الامتيازات خاصة على مستوى الحصول على القروض، و بالتالي يمكنكم أن تلتزموا بقرار الرفع من الحد الأدنى للأجور بنسبة 5 في المائة ؟

نحن الآن شرعنا في العمل من جديد، لكن بمعطيات جديدة، فعندما عدنا لتدوير عجلة الانتاج كنا نشتغل فقط بنسبة 30 في المائة من العاملين ثم انتقلنا حاليا إلى 50 في المائة، دون أن ننسى أن لدينا أموالا كبيرة نؤديها بشكل ثابت لمجموعة من المتدخلين على غرار شركات التأمين دون أن ننسى الفوائد البنكية التي نؤديها باستمرار و كذلك واجبات الكراء، فلا يعقل أن نخسر أموالا كثيرة نتيجة هذا التوقف المفاجئ لأنشطتنا ثم يفرض علينا في مقابل ذلك أن نرفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 5 في المائة.

اليوم يجب أن نكون حكماء و عقلانيين، و أن نتفق جميعا على أن الرفع حاليا من الحد الأدنى للأجور لا يجب أن يتم في الوقت الراهن، و هذا اتفقت عليه جميع شركات القطاع، كلها اتفقت أنه من المستحيل أن نرفع من الأجور.

 

+ في كل الحالات فالأمر لا يتعلق بكم وحدكم، هناك أيضا الحكومة بصفتها الراعي للحوار الاجتماعي و هناك أيضا النقابات. هل جلستم معهم ؟

يوم 24 ماي الماضي، بعثنا برسالة إلى الاتحاد العام لمقاولات المغرب نخبرها بالأمر، و نفس الأمر قام به الاتحاد العام لمقاولات المغرب الذي راسل بدوره الحكومة و طلب منها تأجيل هذا القرار، اليوم على الحكومة أن تستجيب لمطلبنا، و على الحكومة أن تراعي خطورة الأمر، و النقابات بدورها على غرار الحكومة يجب أن يراعوا الوضعية الصعبة التي يمر منها الاقتصاد الوطني، فدورنا حاليا هو أن نحافظ أولا على مناصب الشغل الحالية قبل أن نفكر في الرفع من الحد الأدنى للأجور.

 

+ هل لديكم مقترحات بهذا الخصوص. على سبيل المثال هل يمكن أن تقترحوا تأجيل هذا الالتزام لمدة سنة، و في يوليوز 2021 تلتزموا بتعهداتكم بالرفع من الحد الأدنى للأجور بنسبة 5 في المائة كما كان مقررا في السابق ؟

نعم، هذا مقترح جيد، ونحن نقبل به، لكن في الوضعية الراهنة سيكون قرار الرفع من الأجور خطأ كبيرا.

 

+ ما أفهمه من كلامك هو أنكم لا تتملصون من رفع الحد الأدنى للأجور في الظرفية الحالية، لكن تدعون إلى الأخذ بعين الاعتبار الوضعية الحالية التي يعرفها المغرب و العالم، في ظل وجود “القوة القاهرة” التي تمنعكم من الالتزام بتعهداتكم ؟

تماما أنا أتفق معك في ما تقوله، هناك القوة القاهرة التي تمنعها في الوقت الراهن من الرفع من الحد الأدنى للأجور.

 

+ يبدو أن الدولة نفسها ستجد صعوبة كبيرة في الالتزام بتعهداتها هي كذلك على المستوى الاجتماعي ؟

لا أعرف هل الدولة يمكنها الالتزام بتعهداته هي كذلك أم لا، ما أعرفه هو أن قطاعنا سيجد صعوبة كبيرة في الالتزام بتعهداته في ما يتعلق بالرفع من الحد الأدنى للأجور، ولو بنسبة 1 في المائة فما أدراك عندما يتعلق الأمر بنسبة 5 في المائة.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق