اليوسفي والعائلة: ولدت بطنجة ولي 9 أخوة ولأبي زوجة ثانية سمراء

يقول الراحل عبد الرحمن اليوسفي في مذكراته “أحاديث في ما جرى”، رأيت النور يوم 8 مارس من عام 1924، بحي الدرادب، الواقع بضواحي مدينة طنجة القديم، على ضفاف واد مخضر وسط محيط جبلي، عشت طفولتي بهذا الفضاء الجميل، وتلقيت تعليمي الأولي هناك، ونسجت به أجمل الذكريات، كانت المنطقة، وقتئذ تعيش على إيقاع الحرب الريفية الشهيرة، بقيادة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي، كما كانت طنجة خاضعة آنذاك لنظام دولي.

وتابع، “ينحدر والدي أحمد اليوسفي من قرية “دار زهيرو” بمنطقة الفحص التي تبعد بخمس وعشرون كيلومترا عن مدينة طنجة، وقد نزح إلى هذه الأخيرة في شبابه، بحثا عن عمل، ليستقر به المقام في الأخير بجبل طارق، حيث يعمل بإحدى القنصليات الأجنبية هناك، وهو ما أكسبه صفة المهاجر التي سيشترك فيها مع أحد أعمامي الذي انتقل بدوره إلى فرنسا إلا أن هذا الأخير ستفقد العائلة أثره إلى الأبد، وظلت صورته موضوعة فوق إحدى الخزائن التي تؤثث البيت، ذكرى عنه، لكن، بعد فترة من الاشتغال بجبل طارق، عاد والدي إلى طنجة للعمل بإحدى الشركات البنكية الجزائرية، كما عمل بعدها في شركات أخرى”.

ثم زاد قائلا، “لقد نشأت في بيئة موسومة بالتنوع و الألفة، كانت بشرة أمي بيضاء اللون وكانت زوجة أبي الثانية سمراء، وكنا في بعض الأحيان نقارن بين هاذين اللونين، من خلال إطلاق وصف العنبر و الحليب. وهي العبارة التي كانت تعجب والدي كثيرا. وفي غيابه كان إخوتي و أخواتي، وكنت أصغرهم سنا (لأني كنت آخر العنقود ضمن الأخوة الأشقاء)، يمزحون مع زوجة والدي الثانية، قائلين لها: “ماذا جرى للوالد حتى تزوجك، يظهر أنه فقذ بصره”. فكانت ترد عليهم بلغة ساخرة: “الجير الأبيض يرمى به في أي مكان، بينما العسل يوضع في الأواني الزاهية”. ولا يزال رنين كلماتها راسخا في ذاكرتي لغاية الآن”.

وأضاف، “ترعرعت وسط عائلة متعددة الأبناء و البنات وهم حسب الترتيب في الولادة: السعدية، عبد السلام، خدوج، محمد، مصطفى، عبد القادر، زهرة و أنا كإخوة أشقاء، ثم إدريس و آمنة، إخوتي من زوجة أبي الثانية، لقد انتقلوا كلهم إلى عفو الله، وكان آخرهم أخي إدريس الذي انتقل إلى رحمة الله في يوليوز 1998، وبقيت أنا كما يقول المرحوم باهي “أمارس فضيحة الحياة” رغم الأمراض التي عانيت منها، حيث تم استئصال رئتي اليمنى، من خلال عمليتين جراحيتين سنة 1955 بمدريد، وفي نهاية الثمانينات من القرن الماضي، تم اكتشاف المرض الخبيث بي، حيث تم إزالة 25 سنتمترا من القولون”.

وعن إصابته بمرض السكري، يروي اليوسفي قائلا: “كان أخي إدريس مصابا بالسكري، وقبل وفاته بحوالي سنة زرته، و أثناء الحديث سألته إن كان يراقب باستمرار نسبة السكر في الدم، فرد بالنفي، وعندما ألححت عليه بشأن القيام بهذه المراقبة الضرورية، ردت زوجته أنه رفض حتى اقتناء الآلة اللازمة لذلك، فعاتبته بأنه لا يليق بمدير مدرسة إهمال صحته هكذا، حينها توجهت للصيدلية لاقتناء جهاز لقياس نسبة السكر في الدم لأخي، فقام الصيدلي بتلقيني طريقة استعماله، فإذا به يكتشف بالصدفة أنني أنا أيضا مصاب بداء السكري، فكانت لحظة استحضرت فيها آثار ومخلفات السجون ومتاعب ضريبة النضال على وضعي الصحي”.

 

وانتقل اليوسفي إلى عفو الله بالدار البيضاء ليلة الخميس- الجمعة، عن عمر يناهز 96 سن.

مقالات مرتبطة :
تعليقات الزوار
  1. حمد

    رحم الله سي عبد الرحمن اليوسفي
    واسكنه فسيح جنانه ان لله وإنا إليه راجعون

  2. عبد الرزاق من الدار البيضاء

    إن لله وإن إليه راجعون. رحم الله الفقيد بواسع رحمته واسكنه فسيح جناته يارب العالمين.

اترك تعليق